ا[size=24]لإفراد والجمع

قال ابن الجزري في نشره : كان السلف الصالح رحمهم الله يقرءون ويقرئون القرآن رواية رواية ولا يجمعون رواية إلى أخرى يقصدون بذلك استيعاب الروايات والتثبت منها وإحسان تلقيها واستمر ذلك إلى المائة الخامسة عصر الداني و الأهوازي و الهذلي ومن بعدهم ، فمن ذلك الوقت ظهر جمع القراءات في ختمة واحدة واستمر إلى زماننا واستقر عليه العمل لفتور الهمم وقصد سرعة الترقي والإنفراد وانتشار تعليم القرآن ولم يكن أحد من الشيوخ يسمح بالجمع إلا لمن أفرد القراءات واتقن معرفة الطرق و الروايات وقرأ لكل راو بختمة على حدة ، وهذا الذي استقر عليه العمل إلى زمن شيوخنا الذين أدركناهم فلم أعلم أحدا قرأ على التقي الصائغ إلا بعد أن يفرد السبعة في في إحدى وعشرين ختمة وللعشرة كذلك اه .
أما مقدار التلقين في الإفراد والجمع فمفوض إلى رأي الشيخ وحال القارئ وقوة قبوله ، وبعض المشايخ لا يزيد على عشر مطلقا وبعضهم يأخذ في الإفراد بنصف حزب وفي الجمع بربع حزب .
( ويشترط ) على مريد القراءات ثلاثة شروط :
أن يحفظ كتابا يعرف به اختلاف القراء ،
وأن يفرد القراء رواية رواية
ويجمعها قراءة قراءة

حتى يتمكن من كل قراءة على حدة وحتى يكون أهلا لأن يجمع أكثر من قراءة في ختمة .

وللشيوخ في كيفية الجمع ثلاثة مذاهب :
الأول : الجمع بالحرف وهو طريق أكثر المصريين و المغاربة وكيفيته أن يشرع في القراءة فإذا مر بكلمة فيها خلف أصولي أو فرشي أعاد تلك الكلمة بمفردها حتى يستوفي ما فيها من الخلاف ، فإن كانت مما يسوغ الوقف عليه وقف واستأنف مابعدها وإلا وصلها بآخر وجه انتهى إليه حتى يصل إلى وقف فيقف
( مثاله ) وقالت هيت لك فيقول : هِيتَ هَيتُ هَيتَ هئتُ هئتَ لك ، وإن كان الخلف مما يتعلق بكلمتين كمد المنفصل والسكت على مفصول وقف على الكلمة الثانية إن حسن واستوعب الخلاف ثم انتقل إلى ما بعدها على هذا الحكم ، وهو أوثق في استيفاء أوجه الخلاف وأسهل وأخصر في الأخذ ولكنه يخرج القارئ عن رونق وحسن أداء التلاوة .
الثاني : الجمع بالوقف وكيفيته : أن يبدأ القارئ بقراءة من قدمه من الرواة ، ولا يزال بذلك الوجه حتى يقف على وقف يسوغ الإبتداء بما بعده ثم يعود إلى القارئ الذي بعده إن لم يكن وافقه في قراءته ثم يفعل ذلك بقارئ قارئ حتى ينتهي الخلف ويبدئ بما بعد ذلك الوقف على هذا الحكم وهو مذهب الشاميين وهذا المذهب أشد في الإستحضار وأسد في الإستظهار وأطول زمانا وأجود مكانا وبه قرأت على عامة من قرأت عليه مصرا وشاما وبه آخذ.
الثالث : الجمع بالوقف على اختيار ابن الجزري ، قال في النشر بعد ما تقدم: ولكني ركبت من المذهبين مذهبا فجاء في محاسن الجمع طرازا مذهبا فابتدئ بالقارئ وأنظر إلى من يكون من القراء أكثر موافقة له فإذا وصلت إلى كلمة بين القارئين فيها خلف وقفت وأخرجته معه ثم وصلت إلى أن أنتهي إلى الوقف السائغ جوازه وهكذا حتى ينتهي الخلاف انتهى
( قلت ) وهذا الذي عليه العمل عند حذاق القراء في مصر
( ومثاله ) ياأيها الناس اتقوا ربكم أول الحج إلى شديد
فيبدأ بقالون بالسكون وقصر المنفصل فيندرج معه يعقوب
فإذا وصل إلى وما هم بسكارى وقف وأعاد للدوري من وترى الناس سكارى بالإمالة إلى شديد ،
ثم قرأ للسوسي من إدغام إن زلزلة الساعة شئ عظيم إلى النهاية بوجهي وترى الناس
ثم قرأ بصلة الميم لقالون، يأخذ أصحاب الصلة
ثم يبدأ الآية بمد المنفصل أربعا لقالون إلى سكارى فيندرج معه الشامي وعاصم
ثم يعيد للدوري من سكارى بالإمالة
ثم يعيد للكسائي وخلف سكرى بالإمالة
ثم يقرأ بالصلة لقالون فيذهب وحده
ثم يمد ستا لورش ويستوفي له وجهي اللين مع تقليل سكارى
ثم يقرأ لحمزة من اتقوا ربكم يبدأ بعدم الغنة لخلف مع السكت في شئ
ثم بالغنة لخلاد كذلك
ثم بعدم السكت على شئ لخلاد
ثم بالسكت على المفصول لخلف إلى تمام الآية وقد استوعب الخلاف الذي فيها.

وللجمع شروط أربعة لابد منها وهي:
مراعاة الوقف والإبتداء
وحسن الأداء
وعدم التركيب ،

أما رعاية الترتيب
والتزام تقديم راو بعينه فلا يشترط إلا أنه في هذا الزمان صار من لوازم الجمع فالأحسن للقارئ أن يراعي ترتيب كتابه الذي يقرأ به فيقدم من قدمه الكتاب من المشايخ ورواتهم على ترتيبه ثم يسير على طريقة الجمع التي يتبعها في قراءتها فإذا كان الخلاف في كلمة كأوجه ( هأنتم و أرأيتم ) راعى في قراءتها لكل راو ترتيب الكتاب هذا ، وقد أشار إلى ذلك كله العلامة ابن الجزري في طيبته فقال :

وقد جرى من عادة الأئمه
إفراد كل قارئ بختمه

حتى يؤهلوا لجمع الجمعِ
بالعشر أو أكثر أو بالسبعِ

وجمعنا نختاره بالوقفِ
وغيرنا يأخذه بالحرفِ

بشرطه فلْيَرْعَ وقفا وابتدا
ولا يُركب ولْيُجِد حُسن الأدا

فالماهرُ الذي إذا ما وقفا
يبدا بوجه من عليه وقفا

يعطفُ أقرباً به فأقربا
مختصرا مستوعبا مرتِبا

ولْيلزم الوقار والتأدبا
عند الشيوخِ إن يُرِد أن يَنجَبا




[/size]