وأمَّا الجِنُّ فهُمْ إبليسُ وذُرِّيَّتُهُ. وإبليسُ هو أبو الجِنِّ. خَلَقَهُ الله من مارجٍ من نار، أي من لهيبِ النَّارِ الصَّافي الذي لا دُخَانَ مَعَهُ. ولقد ثَبَتَ في الخبرِ الصَّحيحِ أنَّ إبليسَ كانَ مَعَ الملائكةِ في السَّماء يَتَعَبَّدُ اللهَ مَعَهُمْ وذلكَ قبلَ أَنْ يَكْفُرَ باعتراضهِ على الله.
قال الله تعالى: {وإذْ قلنا للملائكةِ اسجدوا لآدَمَ فسجدوا إلَّا إبليسَ كانَ من الجِنِّ فَفَسَقَ عن أَمْرِ رَبِّه} الكهف/50
والجِنُّ ليسوا نارًا، وإنما أَصْلُهُمُ النَّارُ، ونارُ الدُّنيا هذه التي نعرفُها تُحْرِقُهُمْ. والجِنُّ فيهمُ الكُفَّارُ وفيهِمُ المسلمونَ الصَّالحونَ وفيهِمُ المسلمونَ الفُسَّاقُ. والجِنُّ فيهِمُ الذُّكُورُ وفيهِمُ الإناث. ومِنَ الفَرْقِ العظيمِ بين الجِنِّ والملائكةِ أنَّ الله قد خَلَقَ في الجِنِّ شَهْوَةَ الأكلِ وشَهْوَةَ الشُّرْبِ وشَهْوَةَ جمعِ المال وشَهْوَةَ النِّساء، ولذلكَ هم يَتَزَوَّجُونَ ويَلِدُونَ. وأمَّا الملائكةُ فإنَّ الله لم يجعلْ فيهِمْ حاجةً إلى الأكلِ والشُّربِ والنِّساء وجمعِ المال، فَهُمْ مِنْ حيثُ الجنسُ ليسوا ذكورًا وليسوا إناثًا، ولذلكَ هم لا يَتَزَوَّجُونَ ولا يَلِدُونَ. والمَلَكُ على صورتهِ الأصليَّة ذو جَنَاحَيْنِ فأكثر.
قال الله تعالى: {الحمدُ لله فاطرِ السَّمٰواتِ والأرضِ جاعلِ الملائكةِ رُسُلًا أُولي أجنحةٍ مَثْنَى وثُلاثَ ورُبَاعَ يَزِيدُ في الخَلْقِ ما يشاء} فاطر/1 وقد ثَبَتَ في (صَحِيحَيْ البُخَارِيِّ ومسلم) أنَّ رسولَ الله أخبرَ بأنَّ جبريلَ له سِتُّمِائَةِ جَنَاحٍ. كما ثَبَتَ أنَّ في الملائكةِ مَنْ هو أكبرُ جسمًا من جبريلَ كحَمَلَةِ العرش.
منقول