أحمد محمد طيب
السليڤاني
(1942ـ )
أحمد بن محمد بن طيب بن عبد العزيز شيخ علي أفندي بن طيب بن القاضي يحيى السليڤاني وهؤلاء من علماء ورؤساء عشيرة سينا السليڤانية .
ولد عام 1942 حسب تسجيل عام (1957) في قرية بالقوس التابعة لقضاء زاخو محافظة دهوك ، في بيت علم مشهورين بـ ( بيت طيب ) أي آل طيب بن القاضي يحيى القاضي في العاصي مركز ناحية السليڤاني .
وأمه السيدة صبري ( 1917م ) عبدي غزالة من آل طيب أيضاً أمدَّ الله في عمرها .
طلبه للعلم :
ختم القرآن الكريم عند والده ( محمد طيب ) رحمه الله كما دَرَسَ عنده مبادئ العلوم الإسلامية من سنة 1953 ، ثُمَّ خرج لطلب العلم من العلماء كأقرانه في وقته واستمر في التحصيل إلى التأهيل بتوفيق الخالق الجليل ، وكان يدرسه والده في بيته وقال : لا يفيد تعلمك في البيت بل يجب عليك الخروج لطلب العلم أسوة ببقية الطلاب ، وكان عمره صغيراً أقل من عشر سنوات فأرسله إلى الشيخ حسن بن أحمد البريفكاني في قرية " قرقور" وهي تبعد نصف ساعة عن قريته وكان خلال فترة الدراسة تتضايق روحه ويريد النزول إلى بيته فكان يأتي إلى بيته اسبوعياً في يوم العطلة ، فكان والده الشيخ محمد طيب يحاسبه على ذلك ويأمره بالبقاء فترة أطول من ذلك لأنه كان يريد أن يعتاد على الصبر وفراق الأهل ، فاستجاب لأمر والده وكانت والدته ترغب بقدومه اليها ولكن والده رحمه الله يقول: إذا بقي هكذا لن يستطيع المواصلة أبداً في دراسته.
وظائفه :
وبعد خروجه من منطقته وسكنه في مدينة الموصل عام 1962 ، فتش عن سبب للعيش وتكون في خدمة بيوت الله وطلب العلم ونشره لكن في بداية الأمر فتح دكاناً في سوق النبي يونس عليه السلام ، ثُمَّ استمر في طلب العلم عند علماء مدينة الموصل وبعد أن أصبح والده الشيخ محمد طيب إماماً في جامع قبع في حي الزهور ، أصبح الشيخ أحمد محمد طيب أيضاً إماماً لجامع الكاتب الأهلي سنة 1968 رغم صغر سنه وأهمية جامع الكاتب إلى أن تعينَّ إماماً من قبل وزارة الاوقاف في ذلك بعد ثبوت الأهلية والحصول على الشهادة من المعهد الإسلامي في سنة 1974م في المادة (المؤقتة للامتحان) وبعد اجتيازه امتحاناً أعدته مديرية أوقاف نينوى للعلماء الذين لا يحملون شهادة أكاديمية ونجاحه فيه بعد أن تفوق على أقرانه وكانت ترتيبه الأول أمام الهيئة العلمية في بغداد .
عُين رسمياً في مركز محافظة البصرة إماماً في مسجد القبلة في سنة 1974م وذلك لعدم وجود شاغر في مدينة الموصل ، ثُمَّ نقل بعد سنة ونصف إلى مسجد مزنك في مركز قضاء عقرة ، ونقل إلى مدينة الموصل بعد طلبه إماماً في مسجد الصياغ في شارع النجفي ، وبعد سنة نقل إلى جامع العباس سنة 1979 ، وصدر له أمر القاء الخطب فضلاً عن الامامة في عام 1979 ، ثُمَّ نقل إلى جامع عبدالله الجادر في حي المالية للإمامة والخطابة مع التدريس في عام 1968 ، ثُمَّ نقل إلى جامع الخلفاء في عام 1996 وسبب نقله الى هذا الجامع كما نقل عن مدير الاوقاف لأن هذا الجامع يؤمه الناس لطلب الفتيا لاسيما وقد كان إمام الجامع المذكور الشيخ ذنون البدراني رحمه الله رئيس رابطة علماء الموصل وقد ألح مدير الأوقاف عليه كثيراً للانتقال إلى هذا الجامع ، وفي سنة 1999 أصبح عضواً في المجلس العلمي مع الشيخ محمد بن ياسين والشيخ فيضي الفيضي والشيخ أكرم عبدالوهاب وذلك بأمر الوزارة وطلب من رئيس المجلس الشيخ الدكتور أكرم عبدالوهاب وبدون طلب منه إلى سنة 2003 ، ثُمَّ طلب منه الحضور إلى المجلس العلمي بعد الاحتلال بشهور ولكنه امتنع ورفض رغم الحاح أعضاء المجلس عليه .
كلف بإلقاء الخطب والمواعظ في جوامع الموصل من سنة 1979 إلى سنة 1997م ، قال الشيخ أحمد محمد طيب : من نعم الله تعالى على عبده الفقير المعترف بالتقصير أن جعل له شرف القيام بخطبة الجمعة والأعياد في أكثر من عشرين مسجداً في هذا البلد ـ الموصل الحدباء حرسه المولى من الفتن والبلاء ـ وفي أكثر من خمس عشرة سنة في مستهل حياتي الوظيفية قمت بها متطوعاً ومكلفاً ومأموراً وكنت أجد للخطبة لذة وروعة كذلك كل من عني بها واختار موضوعها وأبعدها عن الزيف والتهريج كما كنت أشعر أن للخطيب ما للعلماء والمرشدين من شرف الوراثة لرتبة النبوة ولا رتبة أعلى منها ولا شرف أفضل من شرف الوراثة لتك الرتبة وكنت ألاقي كالمستقيمين والمستقلين من الخطباء أشكالاً من الضغوط أثناء الاداء لهذا الواجب الديني المقدس حتى انقطعت عن القيام به في عام 1997 فلا حول لنا ولا قوة في كل أمورنا إلَّا بالله العلي العظيم واسأله تعالى العفو والمغفرة فيما اتيت به وما تركته كما أساله التوفيق والسعادة والاستقامة .
وهو الآن إمام ومدرس في جامع الخلفاء (سوق الحنطة) في منطقة باب الطوب .
شيوخه :
درس الشيخ أحمد طيب عند أكثر من خمسٍ وعشرين أستاذاً منهم شيخه ومجيزه الشيخ حسن بن الشيخ أحمد السليڤاني ، والشيخ علي بن محمد بن عبدالقادر السليڤاني ، وسيد أحمد سعدي السليڤاني ، والشيخ عبدالرحمن صالح السليڤاني ، وبشير محمد السوري ، وصالح حاجي( ) ، ثُمَّ على أحمد تتر البيسري .
ومن علماء الموصل الذين درس عليهم : الشيخ عثمان الجبوري ، والشيخ محمد ياسين ، والشيخ عمر النعمة ، والشيخ أحمد السبعاوي ، والشيخ محمد الرحالي وغيرهم.
صفاته :
يتميز الشيخ أحمد محمّد طيب بحافظة قوية ، وذاكرة جيدة ، وحصيلة علمية متراكمة ، توارثها عن آبائه وأسرته المعروفة بالمكانة العلمية ليس في السليڤاني وحدها أو في شمال العراق بل ومدينة الموصل أيضاً ومازالت هذه الاسرة تطالعنا بالنوابغ من ابنائها ، وهو من الذين يوقرون العلماء وينزلونهم منازلهم ، حتى وان كان العالم اصغر منه سناًً أو أقل منه علماً وكان حريصاً على الالتزام بزي العلماء والتأدب بأخلاقهم ، ولم أسمع منه في يوم من الايام في مجلس درسه أن انتقص من عالم أو طعن به ، فسيرته العلمية وأخلاقه الفاضلة حببت إليه الناس وقربتهم منه فيتقبلون نصحه وإرشاده فهو داعية مخلص في دعوته سمح في معاملته يألف ويؤلف ، وكان حفظه الله يقول : لا أجيب عن ثلاثة أسئلة الطلاق والرؤيا والسياسة ، فالطلاق فيه خداع في الاقوال والرؤيا من عالم الغيب ، والسياسة لا تعرف فيها هدف السائل أما الآن فالأمر اختلف فاضطررت ان اجيب عن بعض مسائل الطلاق لحاجة الناس اليها ، فإذا سأله سائل في مسالة فأجابه الشيخ فيها ، فإذا اعترض على كلام الشيخ ، يقول له الشيخ هذا سؤال أم اعتراض ؟ فإذا قال ما هكذا الأمر إنما الأمر كذا ترى الشيخ يتركه ويسير دون أن يدخل معه في جدال لأنه يكره الجدل كثيراً، جاءه أحدهم والمؤذن يؤذن للصلاة كان مستعجلا لكي يؤم الناس في الصلاة فقال له السائل : اذا وقف رجل في الهواء كيف يتوضأ ؟
فرأى الشيخ أحمد أنه معاند وليس بسائل فقال: إسال غيري من العلماء ، فقال له المعاند : أنت لا تعرف الجواب مع انك تلبس جبة العلماء ؟ فقال الشيخ أحمد : لا تنظر اليها لعلها خداع ، فدخل جامعه وترك المعاند ، فأخذ المعاند يصرخ ويقول : كيف تكون خداعاً قف كي أكلمك ، ولكن الشيخ انصرف وتركه .
وكذلك يتميز بهدوئه التام وصبره على السائل حتى يتوهم السائل أو المستمع له في محاضرة أن فيه ضعفاً ولكن في الحقيقة هذا ليس بضعف بل هو رفق ولين وحسن خلق ، ومن الطرائف : كنت خطيباً لقرية نمريك في ناحية فايدة وكنت في حينها أتردد على الشيخ لأخذ الدروس عنده فطلبت منه القدوم إلى قريتنا من أجل إلقاء محاضرة فيها ووافق الشيخ على طلبي مع أحد الاخوة وكان في ذلك اليوم يوجد مجلس عزاء في قريتنا وفي مجالس العزاء يكون حضور الناس كبيراً ومن مختلف المناطق ومن قرى المنطقة أيضاً فضلاً عن أبناء القرية ، ذهبنا به إلى القرية بعد أن أنهى تدريس طلابه في جامع الخلفاء قبيل صلاة المغرب بقليل ، وبعد صلاة العشاء وبعد ان القى الشيخ محاضرته ، دار حوار طويل مع أهل القرية والقرى المجاورة الاخرى وسأل الشيخَ أحدُهم سؤالاً مفاده : ماذا يوجد بين السماء والأرض ؟ كان الهدف منه التعجيز والجدل وهذه كانت عادة هذا السائل دائماً عند قدوم أي عالم إلى القرية يسأل هذا السؤال حتى أصبح سؤاله معلوماً لدى الجميع . فأجابه : الشيخ بحزم وقوة تنمُّ عن قوة شخصية ودراية . فقال : قبل أن أجيبك على سؤالك هذا لدي سؤال لك ما الذي بين عقالك ورأسك ؟ فبهت السائل من هذا السؤال المفاجئ فأخذ كل من في المجلس يضحك على السائل . فقال أنا سألتك وأنت تسألني ؟ أنا لا أعرف ، قال الشيخ : إذا كنت لا تعرف مابين راسك وعقالك فكيف تسأل عن شيء هو أبعد عنك منهما ؟ سل السؤال الذي يمكن الاجابة عليه وفيه فائدة وتحته عمل هذا سؤال جدلي لا أجيب على مثل هذه الاسئلة .
ومن الطرائف التي حدثت مع الشيخ أحمد انه كان راكباً في سيارة مع خادم جامعه وكان الخادم ذا لحية كثة فنظر الناس إلى طول لحيتة ، فأخذوا يسألونه السؤال تلو السؤال وهو يجيب بحضرة الشيخ والشيخ جالس بزي العلماء لا يتكلم وهو ينظر اليهم ويبتسم فلما انصرفوا لم يؤنبه الشيخ أو يتكلم معه بهذا الأمر ولم يقل له كيف تجيب على الأسئلة بوجودي ؟ فهذا من تواضعه مع الآخرين .
منهجه في خطبه :
كانت خطبته يفهمها الجميع : البسطاء والمتعلمون ومابينهما وكان يحكمها وحدة الموضوع وفي مرة اعترض عليه أحدهم وقال ان الثلث الاول من الخطبة لم افهم عليه وانا لواء في الجيش فكيف بمن هو دوني ثقافة كيف يفهمك ؟
فقال له شيخ أحمد : أنا أقسم خطبتي ثلاثة أقسام القسم الأول للخصوص ولقد جئت فيه بمقدمات منطقية فلهذا لم تفهم عليه أنت ، وباقي الخطبة كانت مابين المتوسط والبسيط ففهمت عليه أنت وغيرك وهكذا ، وبهذا يشدّ الخطبة بعضها البعض فمن كان عالماً لا يلتذ بالخطبة إلا في قسمها الاول الذي لم تفهمه ، وكان في خطبه لا يتعرض إلى المناسبات الوطنية كعيد الجيش وثورة كذا وكذا ، مما سبب له كثيراً من الاشكال مع مديرية الوقف وغيرها وذات مرة أراد منه مدير الاوقاف أن يتكلم وقال له أنت سببت لي إحراجاً كثيراً ياشيخ أحمد فانا أدافع عنك كثيراً وأنت تخذلني أرجو ان تتكلم عن كذا المناسبة الفلانية ولو اشارة في خطبتك، ولكن الشيخ أحمد رفض وقال أنا لا أتكلم فيها أبداً ولما رأى اصراره على عدم الكلام قال له مدير الاوقاف أخطب كما تريد ياشيخ والله يتولاك ويتولانا .
منهج الشيخ أحمد طيب وطريقته في التدريس:
كان يعتمد في إجابته على المسائل الشرعية على مذهب الإمام الشافعي رحمه الله تعالى .
فقد كان حريصاً على التدريس بحيث يأتي قبل الظهر إلى جامع الخلفاء وغيره من الجوامع التي كان إماماً فيها يدرس الطلبة ويبقى إلى صلاة المغرب وكان دائماً يوصي الطلبة بحفظ المتون ويوصيهم بتقوى الله وطاعته والمسامحة فيما بينهم ومع الآخرين وبقى مستمراً حتى أحيل على التقاعد لبلوغه السن القانونية في شهر تموز عام 2010م.
ومنذ أن منح الإجازة العلمية العالية قام بإرشاد الناس إلى الخير وإلى تعاليم الإسلام في خطبه ومجالسه الخاص والعام منها ، ودأب على الإصلاح بين المسلمين ويوصيهم بالتمسك بكتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم والتمسك بآداب الإسلام وينهاهم عن فعل المنكرات ويرشدهم إلى فعل الخيرات كان يدرّس كل يوم غالباً عدا يوم الجمعة ويوم الثلاثاء والعيدين الفطر والأضحى ويدرس المبتدئين والمتوسطين والمنتهين لحاجة الكل إلى المعلم والاستفادة فلا يريد أن يحرمهم من ذلك كما كان في منهجه أن يدرس واحداً بعد واحد حسب تسلسل الحضور غالباً فلا يقدم أحداً على غيره ، إلا لعذر أو سبب يقتضي ذلك ، ويدرس كل واحد حسب طاقته وقدرته وتسلسل مادته ، ولا يقبل أن يتدخل طالب في درس غيره ،ويقول هذا درسه فلا تشوش عليه .
وإذا دخل شخص لاستفسار أو فتوى يؤخره إلى بعد الانتهاء من الدرس ، وربما أوقف الدرس للسائل المستعجل أو يؤخره إلى موعد آخر حسبما يرى من الحاجة والأولوية ولا يقبل من أحد من الحاضرين أن يتدخل في جوابه للسائل أو فتواه له إلا بأذنه .
وكثيراً ما يقولون للطالب افهم درسك الخاص بك ولا تبقى بدون فهم له، اما درس غيرك فلا تتدخل به ولا يأذن إلا لصاحب الدرس أو عن طريق السؤال ، أو عند استشارته في جزء من الدرس فتأتى بصورة محددة حسب إشارته ، وكان يوصي طلابه الذين هم في مجلسه بقوله : لا تكن كآله تسجيل تسجل فقط ، بل يجب عليك أن تصغي وتستفيد من علم وحال أستاذك في مجلسه فلا تتجاوز الحد ولا تظهر نفسك أمام طلابه وحاضري مجلسه بأنك عالم مثله أو أكثر منه أو أقل .
وإياك أن تفعل ذلك في مجلسه أو أن يخطر ببالك فعله ، فلا يقبل منك ذلك ، بل ستكون متجاوزاً ومتعدياً وتكون منفوراً ومبغوضاً من قبل جميع من في المجلس من الطلاب .
ومن منهجه في تدريسه أنه لا يشغل الطالب بامتحان التحريري في السنة أو الشهر أو الاسبوع ولا يصرف وقته في ذلك كعادة العلماء السابقين وإنما كان يقول : اعرف طالبي في الدرس أعرف قوة ادراكه وبطيء أو سرعة فهمه فيعلمه كيف يقرأ العبارة وأين يقف ومتى يبدأ وينتهي .
وربما يزجره في الدرس قليلاً فيرجعه إلى الاعتدال في تفاصيل منهج التدريس ويعلمه بإخلاص ورفق وشفقة ويحسب طلابه كأولاده يعلمهم الآداب والاحترام ، ويقول للطالب : لا تستفيد إلا بقدر احترامك لأستاذك وموافقتك له وإطاعتك لتعاليمه والتزامك بالأدب والأخلاق في مجلسه .
كما كان منهجه أن ينصحهم خارج الدرس نصائح في كل مهم ويأمرهم بالاستمرار في طلب العلم ويقول : لا يعطيك العلم بعضه حتى تعطيه كلك ، وليس طلب الزيادة في العلم بقراءة كتابين أو ثلاثة فيكتفي بذلك ويجعل نفسه بديلا عن استاذه بدون اجازة وإذن منه ويقول : نصائح الاستاذ المدرس خارج الدرس زبدة الدروس تؤخذ من أفواه العلماء ومن أحوالهم هكذا يُدرّس الطلاب والحاضرين ويرشدهم ويفهمهم كل حسب قوته وفهمه وربما تراه بسيطاً مع طلابه لا يفضل نفسه على أحد منهم وربما تراه يذكر لهم بعض سيرته ومناقب أجداده أهل العلم أو العلماء الفضلاء من شيوخه أو يذكر لهم من نعم الله عليه ويشكر الله على ذلك .
ومن منهجه أنه لا يعطي للطالب أكثر من طاقته واستيعابه ويقول : هذا لك بخصوصك ولا شأن لك بغيرك.
ويقول: إذا أراد الله شيئاً هيأ له الاسباب ويُظهر لك الاشارات وهذا يظهر عليه في تدريسه وأموره وأحواله ويتكلم مع الناس على قدر عقولهم وإيمانهم وعلومهم .
ومن منهجه في تدريسه يُدرَّس حسب تسلسل كتب منهج الشيوخ الذين درس عندهم وأخذ منهم وهذا المنهج معلوم عند أهل العلم لا يحتاج إلى ذكر الاسماء أو فنون العلوم أو عدد كتب كل فن فيدرس النحو والصرف والفقه ( الفقه الشافعي غالباً ) وعلم الكلام وعلى مراحل لهذه الفنون كما يدرس التفسير وعلوم القرآن والحديث ومصطلحه وأصول الفقه وعلوم البلاغة والمنطق والبحث والمناظرة ويُدرَّس علم الفرائض حسب التدرج في كتب هذه الفنون لا يقدم ولا يؤخر فلا يُدرَّس المبتدى والمتوسط جمع الجوامع في الأصول مثلاً ولا مختصر المعاني في البلاغة ، ولا شرح الشمسية وعبدالله يزدي في علم المنطق ، ولا شرح العقائد النسفية ، وتهذيب الكلام في الكلام ولا جامي والبهجة المرضية في النحو ولا التحفة في الفقه هذه الكتب وأمثالها لا يُدرّسها للمبتدئين بل ولا المتوسطين وإنما هي للمنتهين المستعدين وهذه الكتب هي منهج علمائنا لا يدرسها إلا للمجاز أو المستعد إلا من أنعم الله عليه بفهمها وتعلمها وأخذ الإجازة العلمية بتدريسها ثم لا يعطي الإجازة إلا من دَرَسها ويستطيع أن يدرّسها ، وتجاوز هذه المراحل واستمر في التحصيل إلى التأهيل وتأدب بأدب العلماء وسلك مسلكهم واتبع منهجهم بأن يرى الأستاذ المجيز أن طالبه أصبح أهلاً لهذه الرتبة الشريفة وهي رتبة وراثة النبوة .
وقد وضع منهجاً للإجازة العلمية لطلبة العلم الذين يدرسون عنده وقد حصلت عليه من الشيخ أحمد محمد أحمد الشرابي أحد طلاب الشيخ المتقدمين والمستعدين للإجازة العلمية .
P
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا محمد واله وصحبه ومن تبعهم إلى يوم الدين .
وبعد . فهذه صورة من منهج طلاب العلوم الدينية في المنطقة الشماليه
اولاً: اتقان قراءة القرآن الكريم : وحفظه أو بعضه مع تطبيق التجويد عليه
ثانياً : علم الصرف :
1- متن البناء . 2- التصريف الزنجاني ( عزي ) وحفظه مع الامثلة . 3- شرح التصريف للتفتازاني مع مراجعة حاشية تدريج الأدانى . 4- تصريف على الاشنوي مع حفظه ومراجعة الكشاف .
ثالثاً : علم النحو :
1- عوامل الجرجاني . 2- شرح عوامل الجرجاني ( سعدالله ) . 3- الظروف . 4- التحفة السنية . 5- شرح الجاربردى .6- شرح قطر الندى .7- حل معاقد القواعد.8- اظهار البركوى مع مراجعة شرح نتائج الافكار ( أطلى ) .10- الكافية مع شرحه ( جامي). 11- الفية ابن مالك مع شرحه البهجة المرضية او شرح ابن عقيل مع حفظ بعض المتون .
رابعاً : علم الفقه الشافعي والفرائض :
1- فتح القريب .2- المقدمة الحضرمية .3- اعانة الطالبين .4-منهاج الطالبين مع مراجعة شرحه مغني المحتاج .5-شرح الرحبية في الفرائض .6-تاريخ التشريع الاسلامي للخلاف ، ويوجد كتب اخرى مهمة في المذهب يمكن للأستاذ المدرس أن تجعل بديلاً حسب نظره ( كشرح المحلي . والمنهج مع شرحه للقاضي زكريا الانصاري . وبجيرمي . وتحفة المحتاج ولو جزءاً واحداً منها لأهمية الاطلاع عليها .
خامساً : الحديث ومصطلحه :
1- الاربعُينَّ النووية . 2- رياض الصالحين . 3- تاج الاصول .
وفي المصطلح : 1- البيقونية . 2- نخبة الفكر . 3- الباعث الحثيث . 4- تدريب الراوي ( ومهم جداً قراءة أحكام الاحكام شرح عمدة الاحكام لابن دقيق العيد ، والصحيحين مع شرحيهما ) .
سادساً : التفسير وأدلة الاحكام :
1- شيئاً من تفسير النسفي .2- أو البيضاوي .3- وأدلة الاحكام للسايس
سابعاً : البلاغة ـ معاني وبديع وبيان :
1- البلاغة الواضحة 2-جواهر البلاغة . 3- مختصر المعاني للتفتازاني . 4- او المطول .
ثامناً : العقيدة وعلم الكلام :
1- شرح أم البراهين . 2- حاشية البيجوري على السنوسية . 4 - العقيدة النسفية .5- اتحاف المريد .6- تهذيب الكلام .
تاسعاً : البحث والمناظرة :
1- اداب البحث والمناظرة . 2- كلنبوي الاداب مع شرح البنجويني ومراجعة الحواشي .
عاشراً : علم اصول الفقه :
1- شرح الورقات .2- اللمع مع شرحه .3- شرح جمع الجوامع للمحلي .
أحد عشر : علم المنطق :
1- مغني طلاب . 2- الفناري .3- الخبيصي تجديد علم المنطق ، أو عبدالله يزدي شرح التهذيب .4- الشمسية ، او كلنبوي البرهان .
اثنى عشر : علم الوضع وعلم الحكمة : 1- رسالة العضد .
طلابه :
لقد درّس فترة طويلة من الزمن العلوم الشرعية فأصبح له العشرات من الطلاب في كل المراحل مبتدئين ومتوسطين ومستعدين ، واستمر البعض منهم مدة مديدة إلى أن أخذ الإجازة العلمية بتدريس العلوم الشرعية العقلية والنقلية بعد أن انهى مادته عنده ومنهم الدكتور أحمد السيد محمود الذي كان مقرراً لكلية الامام الاعظم فرع الموصل ، وله طلاب قربت مادتهم العلمية من النهاية مثل : الدكتور محمد سالم ( طبيب بيطري ) ، والشيخ أحمد محمد أحمد الشرابي إمام وخطيب جامع الانصار في الكرامة ، والشيخ أحمد عبدالخالق إمام وخطيب جامع الولي في حي عدن ، والشيخ أحمد جمال البصري ، والشيخ محمود صالح الحديدي إمام وخطيب صاحب المؤلفات العديدة ، وسيد هاشم عبدالمحسن سيد أحمد الجابر وغيرهم ، والله تعالى موفق الجميع للاستمرار إلى التأهيل لأخذ الإجازة العلمية برعاية الخالق الجليل .
مؤلفاته:
له مؤلفات أشهرها :
• نفح الطيب في عقيدة أهل سنة الحبيب(e) متن مهم في علم الكلام .
• الكلمة الطيبة في عقيدة أهل السنة والجماعة شرح نفح الطيب في جزأين.
• المواهب السنيّة في المواعظ والخطب المنبرية في " ثلاثة أجزاء" بمائة وعشرة مواعظ .
• تيسير الوصول فيما رواه الخمسة في تاج الأصول (مخطوط).
• موجز البيان من تحفة الأقران ( في علم النحو ) ( مخطوط ).
• تفسير سورة ياسين( مخطوط ) مع دعاء ختم القرآن الكريم .
• كتاب النسك القريب في الحج والعمرة ( مخطوط ) .
• وكتاب الدرة البهية في مولد خير البرية.
السليڤاني
(1942ـ )
أحمد بن محمد بن طيب بن عبد العزيز شيخ علي أفندي بن طيب بن القاضي يحيى السليڤاني وهؤلاء من علماء ورؤساء عشيرة سينا السليڤانية .
ولد عام 1942 حسب تسجيل عام (1957) في قرية بالقوس التابعة لقضاء زاخو محافظة دهوك ، في بيت علم مشهورين بـ ( بيت طيب ) أي آل طيب بن القاضي يحيى القاضي في العاصي مركز ناحية السليڤاني .
وأمه السيدة صبري ( 1917م ) عبدي غزالة من آل طيب أيضاً أمدَّ الله في عمرها .
طلبه للعلم :
ختم القرآن الكريم عند والده ( محمد طيب ) رحمه الله كما دَرَسَ عنده مبادئ العلوم الإسلامية من سنة 1953 ، ثُمَّ خرج لطلب العلم من العلماء كأقرانه في وقته واستمر في التحصيل إلى التأهيل بتوفيق الخالق الجليل ، وكان يدرسه والده في بيته وقال : لا يفيد تعلمك في البيت بل يجب عليك الخروج لطلب العلم أسوة ببقية الطلاب ، وكان عمره صغيراً أقل من عشر سنوات فأرسله إلى الشيخ حسن بن أحمد البريفكاني في قرية " قرقور" وهي تبعد نصف ساعة عن قريته وكان خلال فترة الدراسة تتضايق روحه ويريد النزول إلى بيته فكان يأتي إلى بيته اسبوعياً في يوم العطلة ، فكان والده الشيخ محمد طيب يحاسبه على ذلك ويأمره بالبقاء فترة أطول من ذلك لأنه كان يريد أن يعتاد على الصبر وفراق الأهل ، فاستجاب لأمر والده وكانت والدته ترغب بقدومه اليها ولكن والده رحمه الله يقول: إذا بقي هكذا لن يستطيع المواصلة أبداً في دراسته.
وظائفه :
وبعد خروجه من منطقته وسكنه في مدينة الموصل عام 1962 ، فتش عن سبب للعيش وتكون في خدمة بيوت الله وطلب العلم ونشره لكن في بداية الأمر فتح دكاناً في سوق النبي يونس عليه السلام ، ثُمَّ استمر في طلب العلم عند علماء مدينة الموصل وبعد أن أصبح والده الشيخ محمد طيب إماماً في جامع قبع في حي الزهور ، أصبح الشيخ أحمد محمد طيب أيضاً إماماً لجامع الكاتب الأهلي سنة 1968 رغم صغر سنه وأهمية جامع الكاتب إلى أن تعينَّ إماماً من قبل وزارة الاوقاف في ذلك بعد ثبوت الأهلية والحصول على الشهادة من المعهد الإسلامي في سنة 1974م في المادة (المؤقتة للامتحان) وبعد اجتيازه امتحاناً أعدته مديرية أوقاف نينوى للعلماء الذين لا يحملون شهادة أكاديمية ونجاحه فيه بعد أن تفوق على أقرانه وكانت ترتيبه الأول أمام الهيئة العلمية في بغداد .
عُين رسمياً في مركز محافظة البصرة إماماً في مسجد القبلة في سنة 1974م وذلك لعدم وجود شاغر في مدينة الموصل ، ثُمَّ نقل بعد سنة ونصف إلى مسجد مزنك في مركز قضاء عقرة ، ونقل إلى مدينة الموصل بعد طلبه إماماً في مسجد الصياغ في شارع النجفي ، وبعد سنة نقل إلى جامع العباس سنة 1979 ، وصدر له أمر القاء الخطب فضلاً عن الامامة في عام 1979 ، ثُمَّ نقل إلى جامع عبدالله الجادر في حي المالية للإمامة والخطابة مع التدريس في عام 1968 ، ثُمَّ نقل إلى جامع الخلفاء في عام 1996 وسبب نقله الى هذا الجامع كما نقل عن مدير الاوقاف لأن هذا الجامع يؤمه الناس لطلب الفتيا لاسيما وقد كان إمام الجامع المذكور الشيخ ذنون البدراني رحمه الله رئيس رابطة علماء الموصل وقد ألح مدير الأوقاف عليه كثيراً للانتقال إلى هذا الجامع ، وفي سنة 1999 أصبح عضواً في المجلس العلمي مع الشيخ محمد بن ياسين والشيخ فيضي الفيضي والشيخ أكرم عبدالوهاب وذلك بأمر الوزارة وطلب من رئيس المجلس الشيخ الدكتور أكرم عبدالوهاب وبدون طلب منه إلى سنة 2003 ، ثُمَّ طلب منه الحضور إلى المجلس العلمي بعد الاحتلال بشهور ولكنه امتنع ورفض رغم الحاح أعضاء المجلس عليه .
كلف بإلقاء الخطب والمواعظ في جوامع الموصل من سنة 1979 إلى سنة 1997م ، قال الشيخ أحمد محمد طيب : من نعم الله تعالى على عبده الفقير المعترف بالتقصير أن جعل له شرف القيام بخطبة الجمعة والأعياد في أكثر من عشرين مسجداً في هذا البلد ـ الموصل الحدباء حرسه المولى من الفتن والبلاء ـ وفي أكثر من خمس عشرة سنة في مستهل حياتي الوظيفية قمت بها متطوعاً ومكلفاً ومأموراً وكنت أجد للخطبة لذة وروعة كذلك كل من عني بها واختار موضوعها وأبعدها عن الزيف والتهريج كما كنت أشعر أن للخطيب ما للعلماء والمرشدين من شرف الوراثة لرتبة النبوة ولا رتبة أعلى منها ولا شرف أفضل من شرف الوراثة لتك الرتبة وكنت ألاقي كالمستقيمين والمستقلين من الخطباء أشكالاً من الضغوط أثناء الاداء لهذا الواجب الديني المقدس حتى انقطعت عن القيام به في عام 1997 فلا حول لنا ولا قوة في كل أمورنا إلَّا بالله العلي العظيم واسأله تعالى العفو والمغفرة فيما اتيت به وما تركته كما أساله التوفيق والسعادة والاستقامة .
وهو الآن إمام ومدرس في جامع الخلفاء (سوق الحنطة) في منطقة باب الطوب .
شيوخه :
درس الشيخ أحمد طيب عند أكثر من خمسٍ وعشرين أستاذاً منهم شيخه ومجيزه الشيخ حسن بن الشيخ أحمد السليڤاني ، والشيخ علي بن محمد بن عبدالقادر السليڤاني ، وسيد أحمد سعدي السليڤاني ، والشيخ عبدالرحمن صالح السليڤاني ، وبشير محمد السوري ، وصالح حاجي( ) ، ثُمَّ على أحمد تتر البيسري .
ومن علماء الموصل الذين درس عليهم : الشيخ عثمان الجبوري ، والشيخ محمد ياسين ، والشيخ عمر النعمة ، والشيخ أحمد السبعاوي ، والشيخ محمد الرحالي وغيرهم.
صفاته :
يتميز الشيخ أحمد محمّد طيب بحافظة قوية ، وذاكرة جيدة ، وحصيلة علمية متراكمة ، توارثها عن آبائه وأسرته المعروفة بالمكانة العلمية ليس في السليڤاني وحدها أو في شمال العراق بل ومدينة الموصل أيضاً ومازالت هذه الاسرة تطالعنا بالنوابغ من ابنائها ، وهو من الذين يوقرون العلماء وينزلونهم منازلهم ، حتى وان كان العالم اصغر منه سناًً أو أقل منه علماً وكان حريصاً على الالتزام بزي العلماء والتأدب بأخلاقهم ، ولم أسمع منه في يوم من الايام في مجلس درسه أن انتقص من عالم أو طعن به ، فسيرته العلمية وأخلاقه الفاضلة حببت إليه الناس وقربتهم منه فيتقبلون نصحه وإرشاده فهو داعية مخلص في دعوته سمح في معاملته يألف ويؤلف ، وكان حفظه الله يقول : لا أجيب عن ثلاثة أسئلة الطلاق والرؤيا والسياسة ، فالطلاق فيه خداع في الاقوال والرؤيا من عالم الغيب ، والسياسة لا تعرف فيها هدف السائل أما الآن فالأمر اختلف فاضطررت ان اجيب عن بعض مسائل الطلاق لحاجة الناس اليها ، فإذا سأله سائل في مسالة فأجابه الشيخ فيها ، فإذا اعترض على كلام الشيخ ، يقول له الشيخ هذا سؤال أم اعتراض ؟ فإذا قال ما هكذا الأمر إنما الأمر كذا ترى الشيخ يتركه ويسير دون أن يدخل معه في جدال لأنه يكره الجدل كثيراً، جاءه أحدهم والمؤذن يؤذن للصلاة كان مستعجلا لكي يؤم الناس في الصلاة فقال له السائل : اذا وقف رجل في الهواء كيف يتوضأ ؟
فرأى الشيخ أحمد أنه معاند وليس بسائل فقال: إسال غيري من العلماء ، فقال له المعاند : أنت لا تعرف الجواب مع انك تلبس جبة العلماء ؟ فقال الشيخ أحمد : لا تنظر اليها لعلها خداع ، فدخل جامعه وترك المعاند ، فأخذ المعاند يصرخ ويقول : كيف تكون خداعاً قف كي أكلمك ، ولكن الشيخ انصرف وتركه .
وكذلك يتميز بهدوئه التام وصبره على السائل حتى يتوهم السائل أو المستمع له في محاضرة أن فيه ضعفاً ولكن في الحقيقة هذا ليس بضعف بل هو رفق ولين وحسن خلق ، ومن الطرائف : كنت خطيباً لقرية نمريك في ناحية فايدة وكنت في حينها أتردد على الشيخ لأخذ الدروس عنده فطلبت منه القدوم إلى قريتنا من أجل إلقاء محاضرة فيها ووافق الشيخ على طلبي مع أحد الاخوة وكان في ذلك اليوم يوجد مجلس عزاء في قريتنا وفي مجالس العزاء يكون حضور الناس كبيراً ومن مختلف المناطق ومن قرى المنطقة أيضاً فضلاً عن أبناء القرية ، ذهبنا به إلى القرية بعد أن أنهى تدريس طلابه في جامع الخلفاء قبيل صلاة المغرب بقليل ، وبعد صلاة العشاء وبعد ان القى الشيخ محاضرته ، دار حوار طويل مع أهل القرية والقرى المجاورة الاخرى وسأل الشيخَ أحدُهم سؤالاً مفاده : ماذا يوجد بين السماء والأرض ؟ كان الهدف منه التعجيز والجدل وهذه كانت عادة هذا السائل دائماً عند قدوم أي عالم إلى القرية يسأل هذا السؤال حتى أصبح سؤاله معلوماً لدى الجميع . فأجابه : الشيخ بحزم وقوة تنمُّ عن قوة شخصية ودراية . فقال : قبل أن أجيبك على سؤالك هذا لدي سؤال لك ما الذي بين عقالك ورأسك ؟ فبهت السائل من هذا السؤال المفاجئ فأخذ كل من في المجلس يضحك على السائل . فقال أنا سألتك وأنت تسألني ؟ أنا لا أعرف ، قال الشيخ : إذا كنت لا تعرف مابين راسك وعقالك فكيف تسأل عن شيء هو أبعد عنك منهما ؟ سل السؤال الذي يمكن الاجابة عليه وفيه فائدة وتحته عمل هذا سؤال جدلي لا أجيب على مثل هذه الاسئلة .
ومن الطرائف التي حدثت مع الشيخ أحمد انه كان راكباً في سيارة مع خادم جامعه وكان الخادم ذا لحية كثة فنظر الناس إلى طول لحيتة ، فأخذوا يسألونه السؤال تلو السؤال وهو يجيب بحضرة الشيخ والشيخ جالس بزي العلماء لا يتكلم وهو ينظر اليهم ويبتسم فلما انصرفوا لم يؤنبه الشيخ أو يتكلم معه بهذا الأمر ولم يقل له كيف تجيب على الأسئلة بوجودي ؟ فهذا من تواضعه مع الآخرين .
منهجه في خطبه :
كانت خطبته يفهمها الجميع : البسطاء والمتعلمون ومابينهما وكان يحكمها وحدة الموضوع وفي مرة اعترض عليه أحدهم وقال ان الثلث الاول من الخطبة لم افهم عليه وانا لواء في الجيش فكيف بمن هو دوني ثقافة كيف يفهمك ؟
فقال له شيخ أحمد : أنا أقسم خطبتي ثلاثة أقسام القسم الأول للخصوص ولقد جئت فيه بمقدمات منطقية فلهذا لم تفهم عليه أنت ، وباقي الخطبة كانت مابين المتوسط والبسيط ففهمت عليه أنت وغيرك وهكذا ، وبهذا يشدّ الخطبة بعضها البعض فمن كان عالماً لا يلتذ بالخطبة إلا في قسمها الاول الذي لم تفهمه ، وكان في خطبه لا يتعرض إلى المناسبات الوطنية كعيد الجيش وثورة كذا وكذا ، مما سبب له كثيراً من الاشكال مع مديرية الوقف وغيرها وذات مرة أراد منه مدير الاوقاف أن يتكلم وقال له أنت سببت لي إحراجاً كثيراً ياشيخ أحمد فانا أدافع عنك كثيراً وأنت تخذلني أرجو ان تتكلم عن كذا المناسبة الفلانية ولو اشارة في خطبتك، ولكن الشيخ أحمد رفض وقال أنا لا أتكلم فيها أبداً ولما رأى اصراره على عدم الكلام قال له مدير الاوقاف أخطب كما تريد ياشيخ والله يتولاك ويتولانا .
منهج الشيخ أحمد طيب وطريقته في التدريس:
كان يعتمد في إجابته على المسائل الشرعية على مذهب الإمام الشافعي رحمه الله تعالى .
فقد كان حريصاً على التدريس بحيث يأتي قبل الظهر إلى جامع الخلفاء وغيره من الجوامع التي كان إماماً فيها يدرس الطلبة ويبقى إلى صلاة المغرب وكان دائماً يوصي الطلبة بحفظ المتون ويوصيهم بتقوى الله وطاعته والمسامحة فيما بينهم ومع الآخرين وبقى مستمراً حتى أحيل على التقاعد لبلوغه السن القانونية في شهر تموز عام 2010م.
ومنذ أن منح الإجازة العلمية العالية قام بإرشاد الناس إلى الخير وإلى تعاليم الإسلام في خطبه ومجالسه الخاص والعام منها ، ودأب على الإصلاح بين المسلمين ويوصيهم بالتمسك بكتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم والتمسك بآداب الإسلام وينهاهم عن فعل المنكرات ويرشدهم إلى فعل الخيرات كان يدرّس كل يوم غالباً عدا يوم الجمعة ويوم الثلاثاء والعيدين الفطر والأضحى ويدرس المبتدئين والمتوسطين والمنتهين لحاجة الكل إلى المعلم والاستفادة فلا يريد أن يحرمهم من ذلك كما كان في منهجه أن يدرس واحداً بعد واحد حسب تسلسل الحضور غالباً فلا يقدم أحداً على غيره ، إلا لعذر أو سبب يقتضي ذلك ، ويدرس كل واحد حسب طاقته وقدرته وتسلسل مادته ، ولا يقبل أن يتدخل طالب في درس غيره ،ويقول هذا درسه فلا تشوش عليه .
وإذا دخل شخص لاستفسار أو فتوى يؤخره إلى بعد الانتهاء من الدرس ، وربما أوقف الدرس للسائل المستعجل أو يؤخره إلى موعد آخر حسبما يرى من الحاجة والأولوية ولا يقبل من أحد من الحاضرين أن يتدخل في جوابه للسائل أو فتواه له إلا بأذنه .
وكثيراً ما يقولون للطالب افهم درسك الخاص بك ولا تبقى بدون فهم له، اما درس غيرك فلا تتدخل به ولا يأذن إلا لصاحب الدرس أو عن طريق السؤال ، أو عند استشارته في جزء من الدرس فتأتى بصورة محددة حسب إشارته ، وكان يوصي طلابه الذين هم في مجلسه بقوله : لا تكن كآله تسجيل تسجل فقط ، بل يجب عليك أن تصغي وتستفيد من علم وحال أستاذك في مجلسه فلا تتجاوز الحد ولا تظهر نفسك أمام طلابه وحاضري مجلسه بأنك عالم مثله أو أكثر منه أو أقل .
وإياك أن تفعل ذلك في مجلسه أو أن يخطر ببالك فعله ، فلا يقبل منك ذلك ، بل ستكون متجاوزاً ومتعدياً وتكون منفوراً ومبغوضاً من قبل جميع من في المجلس من الطلاب .
ومن منهجه في تدريسه أنه لا يشغل الطالب بامتحان التحريري في السنة أو الشهر أو الاسبوع ولا يصرف وقته في ذلك كعادة العلماء السابقين وإنما كان يقول : اعرف طالبي في الدرس أعرف قوة ادراكه وبطيء أو سرعة فهمه فيعلمه كيف يقرأ العبارة وأين يقف ومتى يبدأ وينتهي .
وربما يزجره في الدرس قليلاً فيرجعه إلى الاعتدال في تفاصيل منهج التدريس ويعلمه بإخلاص ورفق وشفقة ويحسب طلابه كأولاده يعلمهم الآداب والاحترام ، ويقول للطالب : لا تستفيد إلا بقدر احترامك لأستاذك وموافقتك له وإطاعتك لتعاليمه والتزامك بالأدب والأخلاق في مجلسه .
كما كان منهجه أن ينصحهم خارج الدرس نصائح في كل مهم ويأمرهم بالاستمرار في طلب العلم ويقول : لا يعطيك العلم بعضه حتى تعطيه كلك ، وليس طلب الزيادة في العلم بقراءة كتابين أو ثلاثة فيكتفي بذلك ويجعل نفسه بديلا عن استاذه بدون اجازة وإذن منه ويقول : نصائح الاستاذ المدرس خارج الدرس زبدة الدروس تؤخذ من أفواه العلماء ومن أحوالهم هكذا يُدرّس الطلاب والحاضرين ويرشدهم ويفهمهم كل حسب قوته وفهمه وربما تراه بسيطاً مع طلابه لا يفضل نفسه على أحد منهم وربما تراه يذكر لهم بعض سيرته ومناقب أجداده أهل العلم أو العلماء الفضلاء من شيوخه أو يذكر لهم من نعم الله عليه ويشكر الله على ذلك .
ومن منهجه أنه لا يعطي للطالب أكثر من طاقته واستيعابه ويقول : هذا لك بخصوصك ولا شأن لك بغيرك.
ويقول: إذا أراد الله شيئاً هيأ له الاسباب ويُظهر لك الاشارات وهذا يظهر عليه في تدريسه وأموره وأحواله ويتكلم مع الناس على قدر عقولهم وإيمانهم وعلومهم .
ومن منهجه في تدريسه يُدرَّس حسب تسلسل كتب منهج الشيوخ الذين درس عندهم وأخذ منهم وهذا المنهج معلوم عند أهل العلم لا يحتاج إلى ذكر الاسماء أو فنون العلوم أو عدد كتب كل فن فيدرس النحو والصرف والفقه ( الفقه الشافعي غالباً ) وعلم الكلام وعلى مراحل لهذه الفنون كما يدرس التفسير وعلوم القرآن والحديث ومصطلحه وأصول الفقه وعلوم البلاغة والمنطق والبحث والمناظرة ويُدرَّس علم الفرائض حسب التدرج في كتب هذه الفنون لا يقدم ولا يؤخر فلا يُدرَّس المبتدى والمتوسط جمع الجوامع في الأصول مثلاً ولا مختصر المعاني في البلاغة ، ولا شرح الشمسية وعبدالله يزدي في علم المنطق ، ولا شرح العقائد النسفية ، وتهذيب الكلام في الكلام ولا جامي والبهجة المرضية في النحو ولا التحفة في الفقه هذه الكتب وأمثالها لا يُدرّسها للمبتدئين بل ولا المتوسطين وإنما هي للمنتهين المستعدين وهذه الكتب هي منهج علمائنا لا يدرسها إلا للمجاز أو المستعد إلا من أنعم الله عليه بفهمها وتعلمها وأخذ الإجازة العلمية بتدريسها ثم لا يعطي الإجازة إلا من دَرَسها ويستطيع أن يدرّسها ، وتجاوز هذه المراحل واستمر في التحصيل إلى التأهيل وتأدب بأدب العلماء وسلك مسلكهم واتبع منهجهم بأن يرى الأستاذ المجيز أن طالبه أصبح أهلاً لهذه الرتبة الشريفة وهي رتبة وراثة النبوة .
وقد وضع منهجاً للإجازة العلمية لطلبة العلم الذين يدرسون عنده وقد حصلت عليه من الشيخ أحمد محمد أحمد الشرابي أحد طلاب الشيخ المتقدمين والمستعدين للإجازة العلمية .
P
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا محمد واله وصحبه ومن تبعهم إلى يوم الدين .
وبعد . فهذه صورة من منهج طلاب العلوم الدينية في المنطقة الشماليه
اولاً: اتقان قراءة القرآن الكريم : وحفظه أو بعضه مع تطبيق التجويد عليه
ثانياً : علم الصرف :
1- متن البناء . 2- التصريف الزنجاني ( عزي ) وحفظه مع الامثلة . 3- شرح التصريف للتفتازاني مع مراجعة حاشية تدريج الأدانى . 4- تصريف على الاشنوي مع حفظه ومراجعة الكشاف .
ثالثاً : علم النحو :
1- عوامل الجرجاني . 2- شرح عوامل الجرجاني ( سعدالله ) . 3- الظروف . 4- التحفة السنية . 5- شرح الجاربردى .6- شرح قطر الندى .7- حل معاقد القواعد.8- اظهار البركوى مع مراجعة شرح نتائج الافكار ( أطلى ) .10- الكافية مع شرحه ( جامي). 11- الفية ابن مالك مع شرحه البهجة المرضية او شرح ابن عقيل مع حفظ بعض المتون .
رابعاً : علم الفقه الشافعي والفرائض :
1- فتح القريب .2- المقدمة الحضرمية .3- اعانة الطالبين .4-منهاج الطالبين مع مراجعة شرحه مغني المحتاج .5-شرح الرحبية في الفرائض .6-تاريخ التشريع الاسلامي للخلاف ، ويوجد كتب اخرى مهمة في المذهب يمكن للأستاذ المدرس أن تجعل بديلاً حسب نظره ( كشرح المحلي . والمنهج مع شرحه للقاضي زكريا الانصاري . وبجيرمي . وتحفة المحتاج ولو جزءاً واحداً منها لأهمية الاطلاع عليها .
خامساً : الحديث ومصطلحه :
1- الاربعُينَّ النووية . 2- رياض الصالحين . 3- تاج الاصول .
وفي المصطلح : 1- البيقونية . 2- نخبة الفكر . 3- الباعث الحثيث . 4- تدريب الراوي ( ومهم جداً قراءة أحكام الاحكام شرح عمدة الاحكام لابن دقيق العيد ، والصحيحين مع شرحيهما ) .
سادساً : التفسير وأدلة الاحكام :
1- شيئاً من تفسير النسفي .2- أو البيضاوي .3- وأدلة الاحكام للسايس
سابعاً : البلاغة ـ معاني وبديع وبيان :
1- البلاغة الواضحة 2-جواهر البلاغة . 3- مختصر المعاني للتفتازاني . 4- او المطول .
ثامناً : العقيدة وعلم الكلام :
1- شرح أم البراهين . 2- حاشية البيجوري على السنوسية . 4 - العقيدة النسفية .5- اتحاف المريد .6- تهذيب الكلام .
تاسعاً : البحث والمناظرة :
1- اداب البحث والمناظرة . 2- كلنبوي الاداب مع شرح البنجويني ومراجعة الحواشي .
عاشراً : علم اصول الفقه :
1- شرح الورقات .2- اللمع مع شرحه .3- شرح جمع الجوامع للمحلي .
أحد عشر : علم المنطق :
1- مغني طلاب . 2- الفناري .3- الخبيصي تجديد علم المنطق ، أو عبدالله يزدي شرح التهذيب .4- الشمسية ، او كلنبوي البرهان .
اثنى عشر : علم الوضع وعلم الحكمة : 1- رسالة العضد .
طلابه :
لقد درّس فترة طويلة من الزمن العلوم الشرعية فأصبح له العشرات من الطلاب في كل المراحل مبتدئين ومتوسطين ومستعدين ، واستمر البعض منهم مدة مديدة إلى أن أخذ الإجازة العلمية بتدريس العلوم الشرعية العقلية والنقلية بعد أن انهى مادته عنده ومنهم الدكتور أحمد السيد محمود الذي كان مقرراً لكلية الامام الاعظم فرع الموصل ، وله طلاب قربت مادتهم العلمية من النهاية مثل : الدكتور محمد سالم ( طبيب بيطري ) ، والشيخ أحمد محمد أحمد الشرابي إمام وخطيب جامع الانصار في الكرامة ، والشيخ أحمد عبدالخالق إمام وخطيب جامع الولي في حي عدن ، والشيخ أحمد جمال البصري ، والشيخ محمود صالح الحديدي إمام وخطيب صاحب المؤلفات العديدة ، وسيد هاشم عبدالمحسن سيد أحمد الجابر وغيرهم ، والله تعالى موفق الجميع للاستمرار إلى التأهيل لأخذ الإجازة العلمية برعاية الخالق الجليل .
مؤلفاته:
له مؤلفات أشهرها :
• نفح الطيب في عقيدة أهل سنة الحبيب(e) متن مهم في علم الكلام .
• الكلمة الطيبة في عقيدة أهل السنة والجماعة شرح نفح الطيب في جزأين.
• المواهب السنيّة في المواعظ والخطب المنبرية في " ثلاثة أجزاء" بمائة وعشرة مواعظ .
• تيسير الوصول فيما رواه الخمسة في تاج الأصول (مخطوط).
• موجز البيان من تحفة الأقران ( في علم النحو ) ( مخطوط ).
• تفسير سورة ياسين( مخطوط ) مع دعاء ختم القرآن الكريم .
• كتاب النسك القريب في الحج والعمرة ( مخطوط ) .
• وكتاب الدرة البهية في مولد خير البرية.