الاستثناء في مد صلة (الهاء) لضمير المفرد الغائب:
ورد في مصحف المدينة النبوية في اصطلاحات الضبط ما يلي: "والقاعدة: أن حفصاً عن عاصم يصل كل هاء ضمير للمفرد الغائب بواو لفظية إذا كانت مضمومة، وياء لفظية إذا كانت مكسورة بشرط أن يتحرك ما قبل هذه الهاء وما بعدها"،
وقد استثنى من ذلك ما يأتي:
1. الهاء من لفظ (يرضه) في سورة الزمر، فإن حفصاً ضمّها بدون صلة.
2. الهاء من لفظ (أرجه) في سورتي الأعراف والشعراء، فإنه سكَّنها.
3. الهاء من لفظ (فألقه) في سورة النمل، فإنه سكّنها أيضاً.
وحتى نتدبر سبب هذا الاستثناء فإن علينا أن نرجع إلى الآيات الكريمة التي وردت فيها هذه الألفاظ:
- فكلمة (يَرْضَهُ) وردت في قوله تعالى: {وَإِنْ تَشْكُرُوا يَرْضَهُ لَكُمْ} [الزمر:7]، ولم ترد هنا الصلة حتى توحي بفورية رضا الله عن شكر عباده.
- كلمة (أَرْجِهْ) وردت في الآية (111) من سورة الأعراف والآية (36) من سورة الشعراء عن موسى وهارون عليهما السلام {قَالُوا أَرْجِهْ وَأَخَاهُ}، ولم ترد هنا الصلة حتى توحي بتقليل شأنهما عليهما السلام في نظر ملأ فرعون حيث كانوا يعتبرونهما ساحرين.
- كلمة (فَأَلْقِهِ) وردت في قوله تعالى: {اذْهَبْ بِكِتَابِي هَذَا فَأَلْقِه إِلَيْهِمْ} [النمل:28]، ولم ترد هنا الصلة لتوحي بتقليل شأن قوم سبأ في نظر سليمان عليه السلام وكذلك بطلب سرعة إلقاء الكتاب.
ومن خلال ما سبق تتبين لنا الحكمة في الاستثناء في مد صلة (الهاء) لضمير المفرد الغائب في بعض الآيات القرآنية لتوضح المعنى المراد أجمل وأدق توضيح وبيان، وأن ترتيل القرآن كما أنزل له فائدة كبرى في توضيح المعاني وإبرازها بجلاء.