الشيخ محمد كريم سعيد راجح، شيخ قراء الشام. يحمل إجازات عديدة في القراءات، وأهم الإجازات التي حصل عليها بالسند المتصل من علماء القراءات في أساليب القراءات والنش والتي أقرها شيخ القراء في وقته الشيخ أحمد الحلواني رحمه الله.
هو فضيلة الشيخ القارئ المقرئ المفسر الفقيه اللغوي الأديب الأريب الخطيب اللامع المبوب محمد كريِّم بن سعيد بن كريم راجح، وُلد في حي الميدان سنة 1344هـ الموافق لـ: 1926م.
نشأ في بيت فقير في القاعة في حي الميدان، وُلد وعمرُ. أبيه خمسون عاماً.
تعليمه:
كانت والدته من ذوات الدين، وكانت تعلم القرآن للصغار في بيتها، فبدأ تعليمه حين كان صغيراً عندها. ثم أنشئت المدارس النظامية فوضعته والدته عند الشيخ ياسين الزرزور الذي كان أخوها في الرضاعة وابن خالها، فتعلم عنده القرآن والكتابة والإملاء والأعمال الأربعة في الحساب.
ثم درس العلوم العربية والإسلامية في جامع منجك.
حصل على الشهادة الثانوية، التي أهلته لدخول كلية الشريعة، التي حصل منها على الإجازة، ثم درس الدبلوم في كلية التربية. ثم عين في وزارة الأوقاف للتدريس.
شبابه وبداية صلته بالشيخ حسين خطاب:
بدأ الشيخ كريم عمله منذ كان في عمر الصبا، حيث عمل في مطبعة الهاشمية لصاحبها أبو أكرم الطرابيشي ومحمد هاشمي كتبي، وكان له رفاق لم ينشؤوا على التدين، فكانوا يحاولون أخذه إلى أماكن اللعب والتسلية، كالسينما مثلاً، وكان الذي يذهب إلى السينما في نظر أهل الميدان يستحق التأديب، فذهب معهم مرة إلى السينما ولم يعد إلى منزله حتى الساعة الثانية عشر ليلاً، فلما عاد رأى والدته في الطريق تفتش عنه، فلما رأته قالت له: ((يا بني، والدك مسافر، وأنا وحدي وأنت أكبر أولادي، ولا تعود حتى الساعة الثانية عشر، أين كنت؟)) قال لها: ((كنت بالسينما)) فقد علمته أن لا يكذب، فقالت: ((أليس خيراً لك منالسينما أن تذهب إلى الأستاذ الشيخ حسين خطاب تتعلم عنده القرآن وتتعلممنه الدين)) فوقعت هذه الكلمة من أذنه كموقع قول الله تعالى: ((ألم يأن الذين آمنواأن تخشع قلوبهم لذكر الله))، وفي اليوم الثاني أنهى عمله وذهب مباشرة إلى جامع القاعة واتصل بالشيخ حسين خطاب وطلب أن يتعلم منه، فحفظ عنده القرآن الكريم من أوله إلى آخرهفي سنة واحدة.
حفظ القرآن وهو في طريقه إلى المطبعة وفي عودته منها،وحفظ عليه نظم الغاية والتقريب من الفقه الشافعي وحفظ ألفية ابن مالك فيالنحو والصرف، كما حفظ قصائد من الأدب.
وبعد ذلك انقطع الشيخ كريم راجح إلى جامع منجك في الميدان، عند الشيخ حسن حبنكة، وبدأ يقرأ العلوم الإسلامية والعلوم العربية.
ثم أصبحت صلته بالشيخ حسين خطاب واسعة عبر جامع القاعة، الذي كان شيخه ثم قويت العلاقة بينهما حتى أصبحت أقرب إلى الزمالة.
بدأ جمع القراءات مع الشيخ حسين خطاب عند الشيخ محمد سليم الحلواني، الذي كان شيخ القراء في تلك الفترة، فحفظ عليه الشاطبية، ولكن توفاه الله بعد ذلك، فأتم جمع القراءات العشر مع الشيخ حسين خطاب عند الشيخ أحمد الحلواني (الذي آلت إليه مشيخة القراء بعد أبيه، وبعده آلت إلى أخيه سعيد، ثم الشيخ حسين خطاب، وبعده الشيخ كريم راجح). فجمع عليه القراءات العشر الصغرى (من طريقي الشاطبية والدرة) وأتمها عليه في مدة وجيزة، وزيادة في توثيق ما قرأ على الشيخ أحمد سليم الحلواني قرأ القرآن كاملاً بالقراءات العشر الصغرى مرة أخرى في ختمة كاملة على الشيخ الصالح المقرئ محمود فائز الدير عطاني (ت 1384هـ) -رحمه الله- وأتمها عليه وأجازه بها.
مشايخه:
في بدايات طلبه تلقى القراءات العشر مع الشيخ حسين خطاب عند الشيخ سليم الحلواني، وولده الشيخ أحمد الحلواني، من طريق الشاطبية والدرة، ثم بعد ذلك تلقى القراءات العشر عن طريق الطيبة من الشيخ عبد القادر قويدر في قرية عربين شمال دمشق.
ومن مشايخه العالم العلامة الشيخ حسن حبنكة الذي كان من أفذاذ العلماء في ذلك الوقت، والذين يصدعون بالحق ويقولون كلمة الصدق ولا يخشون في الله لومة لائم، ومن الذين حاربوا في الثورة السورية. قرأ عليه عندما انقطع في جامع منجك في مشروع تعليم كان أنشأه الشيخ حسن للطلاب لينقطعوا في الجامع للعلم.
تلاميذه:
من تلاميذه:
* محمد فهد خاروف.
* توفيق حداد.
* يوسف فريح.
* محمد الشفيع.
شيخ قراء الشام:
شيخ القراء هو الإنسان الذي اعترف به علماء دمشق وكل من يقرأ القران بأنه القمة في هذا الفن، يعني ليس بعمل رسمي ولا يتقاضى عليهأجراً، فيُرجع إليه عند الاختلاف في هذه الأمور، يعتبر مرجعاً في القراءات والتدريس.
آلت مشيخة قراء الشام إلى الشيخ كريم في الثمانينات. حيث بويع له بمشيخة قراء دمشق بعد وفاة الشيخ حسين خطاب -رحمه الله- وذلك في عام 1408هـ، ومسجد بني أمية مكتظ بالناس، والشيخ حسين خطاب لا يزال مسجى في نعشه في قبلة المسجد، فأعلن الشيخ الصالح العالم شيخ مسجد بني أمية الشيخ عبد الرزاق الحلبي مبايعة الشيخ محمد كرِّيم راجح شيخًا لقراء دمشق خلفًا للشيخ حسين خطاب -رحمه الله-، أعلن ذلك بعد أن استشار فيها الشيخ المقرئ أبو الحسن الكردي. وبعد إعلان الشيخ عبد الرزاق الحلبي ذلك أقر الجميع من علماء، وقرَّاء، ووافقت على ذلك وزارة الأوقاف بقرار من الوزير آنذاك. ولا يزال فضيلته شيخًا لقراء دمشق أطال الله في عمره على طاعته.
مشواره في التدريس:
ü بدأ يدرس في المساجد وعمر ثمانية عشر سنة تقريباً، ثم درس في مدارس الدولة كمدرسة بنات الميدان، فدرس اللغة العربية والتربية الدينية.
ü ثم انتقل للتدريس في الثانوية الشرعية ما يزيد عن أربعين سنة، فدرس فيها القرآن الكريم وعلوم التفسير وعلوم الفرائض وعلوم اللغة العربية.
ü يدرس الآن في معهد الفتحالإسلامي قسم التخصص.
ü وهو مدرس في دائرة الفتوى في مساجد دمشق:
Ÿ له درس مشهور في جامع الحسن كل يوم ثلاثاء من كل أسبوع.
Ÿ وله درس في جامع المنصور.
الخطابة:
الشيخ محمد كريم راجح خطيب لامع، إذا خطب أنصتت له دمشق بشيبها وشبابها، برجالها ونسائها، لا يكاد يدخل حفلاً أو مجلساً إلا ودُعي إلى الخطابة، لاشتهاره بها، وهو مع كونه قارئاً إلا أنه مشهور بخطابته التي تهز القلوب.
خطب في جامع عيسى باشا، في جامع المنصور، في جامع المزة، في جامع العثمان، في مسجد زين العابدين، والآن هو خطيب في مسجد الحسن في الميدان.
مؤلفاته:
* اختصاره لتفسير ابن كثير.
* أوضح البيان في شرح وتفسير القرآن.
* مختصر تفسير القرطبي.
محبته للشعر وكتابته له:
((لا شيء يستهويني كالشعر))، هذا ما قاله الشيخ كريم راجح في أحد لقاءاته التلفزيونية.
ومن أحبِّ الشعراء إلى قلبه أمير الشعراء أحمد شوقي، كان يحبه حباً جماً، ومن أكثر قصائده التي كان يحبها قصيدة:
رعاكم ذو الجلال بني دمشق ..... وعز الشـرق أوله دمشقُ
فهو يقرأ كتب الشعر، وكان قد قدم لديوان الشاعر مصطفى عكرمة، وهو يعتبره صديقاً، ويلتقي معه – حسب قوله – في 3 أمور هي: العاطفة الجياشة نحو الإسلام التي يحملها الشيخ كريم في خطابته ويحملها الشاعر مصطفى في شعره. ويلتقي معه في خفة الدم والروح التي يمتاز بها الشيخ كريم. وكذلك في حبه الكبير للأدب.
والشيخ كريم راجح له محاولات في كتابة الشعر، منها ما قاله في قصيدة لصديق له طال غيابه عنه:
طـال الغياب متى أراك ..... روحي وما ملكت فداك
عيـني يمينـاً أقسمـت ..... أن ليس تغمضـه تـراك
ونظم قصيدة عند تسلم الشيخ أحمد الحلواني لمشيخة القراء مطلعها:
لله ليلـة أنس بت أقضيهـا ..... كأنني منجنـان الخلد أجنيهـا
كأنها ليلة القدر التي شرُفـت ..... حتى أتت آيـة القرآن تطريهـا
جاءت تباشيرها نفسي على كمد ..... من الحياة وأوصـاب تعانيهـا
فمنذ نُبِّئْتُ أن الشيخ قد رُفِعَتْ ..... إليه مشيخـة القـراء يؤويهـا
زالت همومي وناداني الفؤاد أفِقْ ..... هذي السعود تبدت في تباهيهـا
جاءتك مشيخة القـراء لا عجب ..... فبيتكم حـرم ما زال يؤويهـا
هذه بعض الأبيات التي كتبها الشيخ كريم في بعض المناسبات، لكنه ليس شاعراً رسمياً، إنما حبه للشعر جعله يقرؤه ويكتبه أحياناً.
أولاده:
الشيخ محمد كريم راجح متزوج وله عدد من الأبناء:
أبناؤه ستة: منهم مهندس زراعي، ومهندس معماري، ومساعد مهندس، وتاجر، ومنهم ابن حاصل على الشهادة الأزهرية.
بناته: له بنت متزوجة من الشيخ محمد فهد خاروف (تلميذه)، بنت متزوجة من ابن الشيخعلي الشربجي،وبنت متزوجة من الخطاط البارع أحمد الباري.
حفظهم الله ونفع بهم الأمة.
الشيخ محمد كريم راجح الآن خطيب جامع الحسن في الميدان، وهو شيخ قراء الشام حتى الآن، أمد الله لنا في عمره ونفعنا بعلمه، وحفظه للأمة الإسلامية بخير.