عثمان الموصلي 1854-1923
ولد عثمان الموصلي عام 1854م وكان والده الحاج عبد الله سقاء توارث المهنة عن أجداده توفي والده في السابعة من عمره، وما لبث أن أصيب بفقد بصره متأثراً بمرض الجدري الذي أصيب به وضمه جاره محمود بن سليمان العمري الى أولاده موضع عناية وعين له معلماً حفّظه القرآن، وقد أعجب محمود أفندي بصوت عثمان فخصص له معلماً يعلمه الموسيقى والألحان، فنبغ فيها وحفظ الأشعار والقصائد، وشرع عثمان في تعلم علوم العربية على علماء عصره كالشيخ عمر الأربيلي وصالح الخطيب وعبد الله فيضي وغيرهم. وكان مولده في محلة باب العراق بالموصل. وعندما توفي محمود أفندي العمري عام 1865 ترك عثمان مدينة الموصل الى بغداد وكان في العقد الثالث من عمره، وتلقاه بالتكريم أحمد عزة باشا العمري ابن محمود أفندي، وأسكنه عنده واشتهر هناك بقراءة المولد فحفّ به الناس، ودرس عثمان صحيح البخاري على داؤد أفندي وبهاء الحق أفندي الهندي. وذهب الى الحج ثم عاد الى الموصل عام 1886، وتتبع الدرس فيها على يد الشيخ محمد بن جرجيس الموصلي الشهير بالنوري، وأخذ عنه الطريقة القادرية، وهي إحدى الطرق الصوفية الشهيرة في الموصل، وقرأ القراءات السبع على الطريقة الشاطبية على المقرئ الشيخ محمد بن حسن أجازه بها، وسافر الى اسطنبول حيث تلقاه أحمد عزة باشا العمري، وعّرفه على مشاهير الناس وعلمائهم وأخذ عن الشيخ مخفي أفندي القراءات العشر والتكبيرات وأجازه فيها، ورأى الملا عثمان أن يوسع معارفه فسافر الى مصر واخذ عن الشيخ يوسف عجور إمام الشافعية القراءات العشر والتهليل والتحميد وأجازه بها. وعاد من مصر الى الموصل، وكان قد درس في بغداد على الشيخ محمود شكري الآلوسي وسافر الملا عثمان الى اسطنبول أكثر من مرة وأستمع إليه الناس في جامع (أيا صوفيا) وأعجبوا به وأصبح مقصداً للمجتمع الأدبي والفني. وأهم الشخصيات التي تعرف بها في اسطنبول محمد أبو الهدى الصيادي وأخذ عنه الطريقة الرفاعية، وفتح أمامه آفاقاً بتقديمه الى السلطان عبد الحميد. وقربه السلطان وسمح له دخول قصوره وقصور الحريم متى شاء، وظل الملا عثمان مقرباً من البلاط في اسطنبول وكان موضع عناية الخليفة العثماني، وكان يعتمد عليه شخصياً في إيفاده إلى بعض أنحاء الإمبراطورية العثمانية لأغراض سياسية، وكان يخطب في الحج باسم السلطان عبد الحميد بتخويل منه. والتقى عند ذهابه الى مصر عام 1895 بالموسيقار عبده الحمولي وغيره من رجال الموسيقى والفن ودرسوا عليه فنون الموشحات، والتقى عام 1909 بسيد درويش في الشام، ودرس عليه سيد درويش الموشحات وفنون الموسيقى، وقام بتخميس لامية البوصيري واطلق عليها (الهدية الشامية على القصيدة اللامية). وقد أرسله السلطان عبد الحميد الى ليبيا لمعرفة المقاصد السياسية للسنوسي فأكرمه السنوسي أجل إكرام.
القراءات والموسيقى:-
إزدهرت مدن العراق بالمقرئين المجيدين وكانت الموصل في مقدمة هذه المدن منذ العهد العباسي وأشتهرت بمدارس القرآن الكثيرة التي تدرس فيها علوم التجويد والأقراء حسب القراءات المشهورة مع التدريب على أصولها، وكان التدريب فيها على أئمة القراءة وأساتذة التجويد المشهورين حيث يجاز على أيديهم عدد كبير من الطلاب يمنحون إجازاتهم في حفل كبير كل عام وقد ظهر في الموصل قراء مشهورون توارثوا القراءة عن بعضهم كا لملا سعد الدين بن محمد أمين بن سعد الدين شيخ القراء وأحد أدباء الموصل المعروفين، ومحمود حموشي الموصلي، المتوفي عام 1335هـ والشيخ عبد الله الآلوسي الموصلي مدرس جامع الخلفاء في بغداد والمتوفي عام 1337هـ والملا عثمان الذي كان قارئا ومقرئاً أي أستاذاً في القراءات، وكان الطلبة ينهلون من علمه ومعرفته. ودّرس في بغداد في جامعي الزافقين والمرادية وأشهر من درس عليه محمد بهجة الأثري ومحمد صالح الجوادي الذي تخرج عليه جيل من القراء، وينصرف الملا عثمان في أشعاره وقصائده الى مدح الرسول (ص) وآل البيت وألف كتباً في ذلك وقد ساعده ذلك أن يكون من شعراء الموالد النبوية والموشحات، ومن أبرزهم في العراق، ويعد معلماً فيها. وذكر أن له خمسين موشحاً جميعها ذات ألحان رائعة، ويعد مدرسة كاملة في فن الموشحات فنوقلت ما بين العراق والشام ومصر، ومن الموشحات الجميلة التي نظمها، التنزيلة التالية:
لم يزل دمع عيوني هاطلاً طول الزمن
آل طه أوصلوني دمت في فرط الحزن
فيكم هاج غرامي نجم صبري قد هوى
يابني الهادي التهامي عنكم طال النوى
فارحموا الصب وداووا القلب من نار الشجن
أيها العاذل مهلاً لست أصغي للملام
أنا دأبي حب ليلى منذ ناهزت العظام
فلكم أمضيت ليلاً لم يذق جفني المنام
قيدتني في هواها مذ رمتني في المحن
أيها القلب تأمل بادعاء ومقال
يسوى آل المفضل لم تنل حلو الوصال
بهمو لذ وتسربل راجياً فضل النوال
عبدكم عثمان يحظى بالأماني والمنن
وكذلك هذه التنزيلة على نغم العشيران:
ألمح برقاً لاح من أرضكم أم نغر ليلى بان لي مبتسـم
يا آل طه قد غدا عبدكـم مضنى عن الأشواق لا ينثني
يا عاذلي في حبهم خلتي جمرة قلبي جففت دمعتي حتى استحالت عن دم مقلتي
ولد عثمان الموصلي عام 1854م وكان والده الحاج عبد الله سقاء توارث المهنة عن أجداده توفي والده في السابعة من عمره، وما لبث أن أصيب بفقد بصره متأثراً بمرض الجدري الذي أصيب به وضمه جاره محمود بن سليمان العمري الى أولاده موضع عناية وعين له معلماً حفّظه القرآن، وقد أعجب محمود أفندي بصوت عثمان فخصص له معلماً يعلمه الموسيقى والألحان، فنبغ فيها وحفظ الأشعار والقصائد، وشرع عثمان في تعلم علوم العربية على علماء عصره كالشيخ عمر الأربيلي وصالح الخطيب وعبد الله فيضي وغيرهم. وكان مولده في محلة باب العراق بالموصل. وعندما توفي محمود أفندي العمري عام 1865 ترك عثمان مدينة الموصل الى بغداد وكان في العقد الثالث من عمره، وتلقاه بالتكريم أحمد عزة باشا العمري ابن محمود أفندي، وأسكنه عنده واشتهر هناك بقراءة المولد فحفّ به الناس، ودرس عثمان صحيح البخاري على داؤد أفندي وبهاء الحق أفندي الهندي. وذهب الى الحج ثم عاد الى الموصل عام 1886، وتتبع الدرس فيها على يد الشيخ محمد بن جرجيس الموصلي الشهير بالنوري، وأخذ عنه الطريقة القادرية، وهي إحدى الطرق الصوفية الشهيرة في الموصل، وقرأ القراءات السبع على الطريقة الشاطبية على المقرئ الشيخ محمد بن حسن أجازه بها، وسافر الى اسطنبول حيث تلقاه أحمد عزة باشا العمري، وعّرفه على مشاهير الناس وعلمائهم وأخذ عن الشيخ مخفي أفندي القراءات العشر والتكبيرات وأجازه فيها، ورأى الملا عثمان أن يوسع معارفه فسافر الى مصر واخذ عن الشيخ يوسف عجور إمام الشافعية القراءات العشر والتهليل والتحميد وأجازه بها. وعاد من مصر الى الموصل، وكان قد درس في بغداد على الشيخ محمود شكري الآلوسي وسافر الملا عثمان الى اسطنبول أكثر من مرة وأستمع إليه الناس في جامع (أيا صوفيا) وأعجبوا به وأصبح مقصداً للمجتمع الأدبي والفني. وأهم الشخصيات التي تعرف بها في اسطنبول محمد أبو الهدى الصيادي وأخذ عنه الطريقة الرفاعية، وفتح أمامه آفاقاً بتقديمه الى السلطان عبد الحميد. وقربه السلطان وسمح له دخول قصوره وقصور الحريم متى شاء، وظل الملا عثمان مقرباً من البلاط في اسطنبول وكان موضع عناية الخليفة العثماني، وكان يعتمد عليه شخصياً في إيفاده إلى بعض أنحاء الإمبراطورية العثمانية لأغراض سياسية، وكان يخطب في الحج باسم السلطان عبد الحميد بتخويل منه. والتقى عند ذهابه الى مصر عام 1895 بالموسيقار عبده الحمولي وغيره من رجال الموسيقى والفن ودرسوا عليه فنون الموشحات، والتقى عام 1909 بسيد درويش في الشام، ودرس عليه سيد درويش الموشحات وفنون الموسيقى، وقام بتخميس لامية البوصيري واطلق عليها (الهدية الشامية على القصيدة اللامية). وقد أرسله السلطان عبد الحميد الى ليبيا لمعرفة المقاصد السياسية للسنوسي فأكرمه السنوسي أجل إكرام.
القراءات والموسيقى:-
إزدهرت مدن العراق بالمقرئين المجيدين وكانت الموصل في مقدمة هذه المدن منذ العهد العباسي وأشتهرت بمدارس القرآن الكثيرة التي تدرس فيها علوم التجويد والأقراء حسب القراءات المشهورة مع التدريب على أصولها، وكان التدريب فيها على أئمة القراءة وأساتذة التجويد المشهورين حيث يجاز على أيديهم عدد كبير من الطلاب يمنحون إجازاتهم في حفل كبير كل عام وقد ظهر في الموصل قراء مشهورون توارثوا القراءة عن بعضهم كا لملا سعد الدين بن محمد أمين بن سعد الدين شيخ القراء وأحد أدباء الموصل المعروفين، ومحمود حموشي الموصلي، المتوفي عام 1335هـ والشيخ عبد الله الآلوسي الموصلي مدرس جامع الخلفاء في بغداد والمتوفي عام 1337هـ والملا عثمان الذي كان قارئا ومقرئاً أي أستاذاً في القراءات، وكان الطلبة ينهلون من علمه ومعرفته. ودّرس في بغداد في جامعي الزافقين والمرادية وأشهر من درس عليه محمد بهجة الأثري ومحمد صالح الجوادي الذي تخرج عليه جيل من القراء، وينصرف الملا عثمان في أشعاره وقصائده الى مدح الرسول (ص) وآل البيت وألف كتباً في ذلك وقد ساعده ذلك أن يكون من شعراء الموالد النبوية والموشحات، ومن أبرزهم في العراق، ويعد معلماً فيها. وذكر أن له خمسين موشحاً جميعها ذات ألحان رائعة، ويعد مدرسة كاملة في فن الموشحات فنوقلت ما بين العراق والشام ومصر، ومن الموشحات الجميلة التي نظمها، التنزيلة التالية:
لم يزل دمع عيوني هاطلاً طول الزمن
آل طه أوصلوني دمت في فرط الحزن
فيكم هاج غرامي نجم صبري قد هوى
يابني الهادي التهامي عنكم طال النوى
فارحموا الصب وداووا القلب من نار الشجن
أيها العاذل مهلاً لست أصغي للملام
أنا دأبي حب ليلى منذ ناهزت العظام
فلكم أمضيت ليلاً لم يذق جفني المنام
قيدتني في هواها مذ رمتني في المحن
أيها القلب تأمل بادعاء ومقال
يسوى آل المفضل لم تنل حلو الوصال
بهمو لذ وتسربل راجياً فضل النوال
عبدكم عثمان يحظى بالأماني والمنن
وكذلك هذه التنزيلة على نغم العشيران:
ألمح برقاً لاح من أرضكم أم نغر ليلى بان لي مبتسـم
يا آل طه قد غدا عبدكـم مضنى عن الأشواق لا ينثني
يا عاذلي في حبهم خلتي جمرة قلبي جففت دمعتي حتى استحالت عن دم مقلتي