الشيخ أحمد تتر
البيسري
(في حدود سنة 1906 /1999م)
ولد في قرية ( بيسري) التابعة لمحافظة دهوك في حدود 1906م درس على علماء الشمال منهم الشيخ صالح المهاجر في المنطقة السندية في قضاء زاخو وحصل على الإجازة العلمية في العلوم العقلية والنقلية من العلامة محمّد عبدالخالق العقري ( ) الإمام والخطيب في جامع دهوك الكبير، وبعد حصوله على الإجازة العلمية مارس الإمامة والخطابة في مساجد منطقة السليڤاني ولا سيما جامع (باﭭيا) التابعة لقضاء زاخو واستمر به فترة طويلة ترك الإمامة في الجامع المذكور وخلفه الشيخ حسن بن أحمد البريفكاني سنة 1946م، انتقل إلى قرية (سروكاني) في المنطقة أيضاً ، ثُمَّ عاد إلى قرية (باﭭيا) مرة ثانية، وتزوج وبقي فيها إلى أن نزح إلى الموصل في سنة 1963م كان له ما يقارب العشرين طالباً في تلك القرية من أبناء المنطقة ومن خارجها وكان يقصده الطلاب من تركيا أيضاً ، وأجاز البعض منهم كان صوفي المشرب ، شافعي المذهب، قدم الموصل وعمل فيها إماماً في أحد المساجد ثُمَّ عُيّن رسمياً إماماً لمسجد عبدو خوب وهو مسجد قريب للجامع الكبير وقد كان يدرس الطلاب فيه إلى أن أحيل على التقاعد في أواخر الستينات ثُمَّ صار إماماً ومدرساً لمسجد الصائغ الذي يقع في شارع المركز في منطقة النبي يونس عليه السلام ، وكان يلقي دروسه على طلبته بعد صلاة العصر الى صلاة المغرب ويتفرغ مابين المغرب والعشاء لمراجعة حفظه من القرآن الكريم ، فوفد عليه طلاب العلم من أبناء المدينة وأخذوا ينهلون من علمه ولم يمنعه كبر سنه من مواصلة تدريسه للعلوم الشرعية حتى وفاته في صيف سنة 1999م ، ودفن في مقبرة الكرامة قرب التلفزيون في الموصل عن عمر جاوز التسعين بسنوات .
كان متقناً للعلوم العقلية والنقلية وكان يُدرّس من حفظه ، محافظاً على الصلوات الخمس في مسجده رغم المسافة الطويلة بين بيته ومسجده ، وكان عنده فانوس يأخذه معه بعد صلاة العشاء ويعود به بعد صلاة الفجر لكي ينير له الطريق في صلاة الفجر لذلك كان يطلق عليه أهل الحي صاحب الفانوس ، وعندما تنظر اليه كأنك تنظر إلى صحابي من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم .
وفي شهر رمضان كان يؤم الناس في صلاة التراويح ويصلي بهم ثماني ركعات فإذا انصرف الناس أكمل لنفسه العشرين ركعة .
وكتب لي الشيخ أحمد محمد طيب حفظه الله في 11/8/2010 م ، بعد طلب مني عن سيرة شيخه الشيخ أحمد تتر بقوله : كان عالماً ورعاً نقياً تقياً خفياً لا يحب الظهور والشهرة وكان حليم الطبع متواضعاً وأعتقد أنه كان من كبار الاولياء لما رأيت منه من الكرامات الظاهرة من خلال مُلّازمتي له مدة طويلة طلباً لعلمه والاقتداء به ، وكان والدي الشيخ محمد طيب رحمه الله يُحبه ويمدحه ويأمرني بالاقتداء به ، وكان قد لازمه وصادقه حين كانا طالبي علم عند صالح المهاجر في المنطقة السندية في قضاء زاخو ، وكانا متقاربين في العمر ولكن والدي توفي قبله وعزاني في وفاته .
كان رحمه الله مثالاً للاقتداء به في أقواله وأعماله فاذكر حين كنت طالباً مبتدءاً عنده في قرية ( باﭭيا ) سنة 1956 قبل وصولي حد البلوغ فكنت والطلاب نبيت في المسجد وأروقته ،هكذا كانت العادة في المنطقة الشمالية ، أراه يومياً يأتي إلى المسجد قبل الفجر ويصلي التهجد إلى أن يأتي المؤذن فيؤذن لصلاة الفجر عند ذلك نقوم نحن الطلاب ومصلي المسجد من أهل القرية بالوضوء من عين الماء القريبة من المسجد ويأتي رحمه الله فيصلي السنة القبلية للفجر ويضطجع على جنبه الأيمن باتجاه القبلة اتباعاً للسنة ثُمَّ يقيم المؤذن للفرض فنقوم ويصلي إماماً بنا ثُمَّ يأتون بالأذكار الواردة بعد الصلاة هو والمصلون ثُمَّ يذهب إلى بيته فيبقى مقداراً محدوداً إلى ارتفاع الشمس وقت الضحى فيصلي صلاة الضحى فإذا انتهى منها نادى طالباً من طلابه المستعدين ليدرسه فيأتي ويُدرّس وهكذا الثاني والثالث إلى صلاة الظهر فيصلي الظهر إماماً ويذهب إلى بيته ولا يتأخر كثيراً ، ثُمَّ يرجع ويصلي تحية المسجد ثُمَّ يبدأ بدرس طالب آخر وهكذا إلى العصر فإذا صلى العصر رجع يدرس من بقي من طلابه المنتهين في مواد منهجه لا المبتدئين والمتوسطين ثُمَّ يذهب إلى البيت اذا سمح له الوقت بذلك .
أمّا تدريسه للطلاب المبتدئين والمتوسطين فيعُيّن لهم من الطلاب المستعدين لتدريسهم فكنت حين ذاك ادرس عند واحد من طلابه المنتهين المستعدين يسمى عبد الرحمن الشرنقي ، يدرسني العوامل في النحو وعزي في الصرف والمقدمة الحضرمية في الفقه ورياض الصالحين في الحديث ، هذه عادته مع طلابه طول السنة ماعدا يوم الجمعة والعيد فما رأيته تخلف يوماً عن التدريس .
فحضرت دفنه وصليت عليه مع أستاذي الشيخ حسن بن أحمد البريفكاني السليڤاني في مسجد الصائغ وحضر لدفنه علماء وطلاب علم كثيرون في مقبرة الكرامة أذكر من العلماء الحاضرين عند دفنه الشيخ حسن والشيخ إبراهيم خلف عنيز الجرجري( )ـ رحمه الله ـ الذي كان يبكي عليه كثيراً والشيخ فيضي فطلبوا من العبد الفقير أن أُلقنه بعد الدفن التلقين المشهور عند الشافعية وقد امتنع الشيخ إبراهيم الجرجري أن يُلقنه لشدة تأثره بوفاته ولعظم قدره عنده فلقنته بأمر شيخي الشيخ حسن بن أحمد البريفكاني والشيخ فيضي رحمه الله ، وكيف أُلقن من علمني ولقنني فنون العلوم وتعب عليَّ كثيراً، وكان ويقول : أنا أحب أن تصير عالماً ، ويحثني كثيراً على العلم وطلب مني أن أدرس عنده أيضاً ، فكنت طالباً عنده في القرية ثُمَّ في الموصل وكنت إماماً في جامع الكاتب فيأتيني صباحاً إلى الجامع ويدرسني في الجامع إلى قبيل الظهر ثُمَّ يذهب مكان إمامته في مسجد عبدو خوب وذلك يومياً في سنوات فدرست عنده فيها النحو والصرف والفقه والحديث وأصليهما والبلاغة والمنطق والعقيدة والتفسير وعلم البحث والمناظرة وغيرها جزاه الله عني وعن المسلمين خير الجزاء .
وحين طلبت مني دائرة الاوقاف أن يشهد لي أحد العلماء البارزين بأنه درسني حتى يقبلوني للدخول في إمتحان (المادة المؤقتة) للعلماء طلبت منه الشهادة بذلك فكتب لي في ورقة أنه درس هذه العلوم كلها وأتيت بهذه الورقة إلى الشيخ بشير أفندي الصقال ( )رحمه الله ، فقال لي : درست هذه العلوم عند الشيخ أحمد تتر البيسري ، قلت : نعم هذا اسمه وتوقيعه، فأخرج القلم ووقع على الورقة ثُمَّ أخذ الهاتف فاتصل بمدير الاوقاف فقال له : هذا حامل الورقة رجل فاضل يستحق أن يدخل في الامتحان ، ثُمَّ قال إذهب اليه يقبلك ولا يردك إن شاء الله .
هكذا كان أستاذنا عالماً مشهوراً بعلمه وفضله بارزاً في خفائه يطلب علمه حتى أصحاب الشهادات العالية مثل : الشيخ فيضي ـ رحمه الله ـ طلب منه أن يدرس عنده وتمنى الشيخ مصطفى البنجويني أن يكون طالبه وقد مدحه ووصفه بالعلم العلامة الشيخ عبدالكريم المدرس عند أحد طلابه كما شكره الشيخ محمد ياسين رحمه الله لتدريسه الطلاب .
له من الأولاد : يحيى وعبدالهادي .
ينظر: علماء قدموا الى الموصل من الكرد ومن كردستان ، جاسم عبد شلال
البيسري
(في حدود سنة 1906 /1999م)
ولد في قرية ( بيسري) التابعة لمحافظة دهوك في حدود 1906م درس على علماء الشمال منهم الشيخ صالح المهاجر في المنطقة السندية في قضاء زاخو وحصل على الإجازة العلمية في العلوم العقلية والنقلية من العلامة محمّد عبدالخالق العقري ( ) الإمام والخطيب في جامع دهوك الكبير، وبعد حصوله على الإجازة العلمية مارس الإمامة والخطابة في مساجد منطقة السليڤاني ولا سيما جامع (باﭭيا) التابعة لقضاء زاخو واستمر به فترة طويلة ترك الإمامة في الجامع المذكور وخلفه الشيخ حسن بن أحمد البريفكاني سنة 1946م، انتقل إلى قرية (سروكاني) في المنطقة أيضاً ، ثُمَّ عاد إلى قرية (باﭭيا) مرة ثانية، وتزوج وبقي فيها إلى أن نزح إلى الموصل في سنة 1963م كان له ما يقارب العشرين طالباً في تلك القرية من أبناء المنطقة ومن خارجها وكان يقصده الطلاب من تركيا أيضاً ، وأجاز البعض منهم كان صوفي المشرب ، شافعي المذهب، قدم الموصل وعمل فيها إماماً في أحد المساجد ثُمَّ عُيّن رسمياً إماماً لمسجد عبدو خوب وهو مسجد قريب للجامع الكبير وقد كان يدرس الطلاب فيه إلى أن أحيل على التقاعد في أواخر الستينات ثُمَّ صار إماماً ومدرساً لمسجد الصائغ الذي يقع في شارع المركز في منطقة النبي يونس عليه السلام ، وكان يلقي دروسه على طلبته بعد صلاة العصر الى صلاة المغرب ويتفرغ مابين المغرب والعشاء لمراجعة حفظه من القرآن الكريم ، فوفد عليه طلاب العلم من أبناء المدينة وأخذوا ينهلون من علمه ولم يمنعه كبر سنه من مواصلة تدريسه للعلوم الشرعية حتى وفاته في صيف سنة 1999م ، ودفن في مقبرة الكرامة قرب التلفزيون في الموصل عن عمر جاوز التسعين بسنوات .
كان متقناً للعلوم العقلية والنقلية وكان يُدرّس من حفظه ، محافظاً على الصلوات الخمس في مسجده رغم المسافة الطويلة بين بيته ومسجده ، وكان عنده فانوس يأخذه معه بعد صلاة العشاء ويعود به بعد صلاة الفجر لكي ينير له الطريق في صلاة الفجر لذلك كان يطلق عليه أهل الحي صاحب الفانوس ، وعندما تنظر اليه كأنك تنظر إلى صحابي من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم .
وفي شهر رمضان كان يؤم الناس في صلاة التراويح ويصلي بهم ثماني ركعات فإذا انصرف الناس أكمل لنفسه العشرين ركعة .
وكتب لي الشيخ أحمد محمد طيب حفظه الله في 11/8/2010 م ، بعد طلب مني عن سيرة شيخه الشيخ أحمد تتر بقوله : كان عالماً ورعاً نقياً تقياً خفياً لا يحب الظهور والشهرة وكان حليم الطبع متواضعاً وأعتقد أنه كان من كبار الاولياء لما رأيت منه من الكرامات الظاهرة من خلال مُلّازمتي له مدة طويلة طلباً لعلمه والاقتداء به ، وكان والدي الشيخ محمد طيب رحمه الله يُحبه ويمدحه ويأمرني بالاقتداء به ، وكان قد لازمه وصادقه حين كانا طالبي علم عند صالح المهاجر في المنطقة السندية في قضاء زاخو ، وكانا متقاربين في العمر ولكن والدي توفي قبله وعزاني في وفاته .
كان رحمه الله مثالاً للاقتداء به في أقواله وأعماله فاذكر حين كنت طالباً مبتدءاً عنده في قرية ( باﭭيا ) سنة 1956 قبل وصولي حد البلوغ فكنت والطلاب نبيت في المسجد وأروقته ،هكذا كانت العادة في المنطقة الشمالية ، أراه يومياً يأتي إلى المسجد قبل الفجر ويصلي التهجد إلى أن يأتي المؤذن فيؤذن لصلاة الفجر عند ذلك نقوم نحن الطلاب ومصلي المسجد من أهل القرية بالوضوء من عين الماء القريبة من المسجد ويأتي رحمه الله فيصلي السنة القبلية للفجر ويضطجع على جنبه الأيمن باتجاه القبلة اتباعاً للسنة ثُمَّ يقيم المؤذن للفرض فنقوم ويصلي إماماً بنا ثُمَّ يأتون بالأذكار الواردة بعد الصلاة هو والمصلون ثُمَّ يذهب إلى بيته فيبقى مقداراً محدوداً إلى ارتفاع الشمس وقت الضحى فيصلي صلاة الضحى فإذا انتهى منها نادى طالباً من طلابه المستعدين ليدرسه فيأتي ويُدرّس وهكذا الثاني والثالث إلى صلاة الظهر فيصلي الظهر إماماً ويذهب إلى بيته ولا يتأخر كثيراً ، ثُمَّ يرجع ويصلي تحية المسجد ثُمَّ يبدأ بدرس طالب آخر وهكذا إلى العصر فإذا صلى العصر رجع يدرس من بقي من طلابه المنتهين في مواد منهجه لا المبتدئين والمتوسطين ثُمَّ يذهب إلى البيت اذا سمح له الوقت بذلك .
أمّا تدريسه للطلاب المبتدئين والمتوسطين فيعُيّن لهم من الطلاب المستعدين لتدريسهم فكنت حين ذاك ادرس عند واحد من طلابه المنتهين المستعدين يسمى عبد الرحمن الشرنقي ، يدرسني العوامل في النحو وعزي في الصرف والمقدمة الحضرمية في الفقه ورياض الصالحين في الحديث ، هذه عادته مع طلابه طول السنة ماعدا يوم الجمعة والعيد فما رأيته تخلف يوماً عن التدريس .
فحضرت دفنه وصليت عليه مع أستاذي الشيخ حسن بن أحمد البريفكاني السليڤاني في مسجد الصائغ وحضر لدفنه علماء وطلاب علم كثيرون في مقبرة الكرامة أذكر من العلماء الحاضرين عند دفنه الشيخ حسن والشيخ إبراهيم خلف عنيز الجرجري( )ـ رحمه الله ـ الذي كان يبكي عليه كثيراً والشيخ فيضي فطلبوا من العبد الفقير أن أُلقنه بعد الدفن التلقين المشهور عند الشافعية وقد امتنع الشيخ إبراهيم الجرجري أن يُلقنه لشدة تأثره بوفاته ولعظم قدره عنده فلقنته بأمر شيخي الشيخ حسن بن أحمد البريفكاني والشيخ فيضي رحمه الله ، وكيف أُلقن من علمني ولقنني فنون العلوم وتعب عليَّ كثيراً، وكان ويقول : أنا أحب أن تصير عالماً ، ويحثني كثيراً على العلم وطلب مني أن أدرس عنده أيضاً ، فكنت طالباً عنده في القرية ثُمَّ في الموصل وكنت إماماً في جامع الكاتب فيأتيني صباحاً إلى الجامع ويدرسني في الجامع إلى قبيل الظهر ثُمَّ يذهب مكان إمامته في مسجد عبدو خوب وذلك يومياً في سنوات فدرست عنده فيها النحو والصرف والفقه والحديث وأصليهما والبلاغة والمنطق والعقيدة والتفسير وعلم البحث والمناظرة وغيرها جزاه الله عني وعن المسلمين خير الجزاء .
وحين طلبت مني دائرة الاوقاف أن يشهد لي أحد العلماء البارزين بأنه درسني حتى يقبلوني للدخول في إمتحان (المادة المؤقتة) للعلماء طلبت منه الشهادة بذلك فكتب لي في ورقة أنه درس هذه العلوم كلها وأتيت بهذه الورقة إلى الشيخ بشير أفندي الصقال ( )رحمه الله ، فقال لي : درست هذه العلوم عند الشيخ أحمد تتر البيسري ، قلت : نعم هذا اسمه وتوقيعه، فأخرج القلم ووقع على الورقة ثُمَّ أخذ الهاتف فاتصل بمدير الاوقاف فقال له : هذا حامل الورقة رجل فاضل يستحق أن يدخل في الامتحان ، ثُمَّ قال إذهب اليه يقبلك ولا يردك إن شاء الله .
هكذا كان أستاذنا عالماً مشهوراً بعلمه وفضله بارزاً في خفائه يطلب علمه حتى أصحاب الشهادات العالية مثل : الشيخ فيضي ـ رحمه الله ـ طلب منه أن يدرس عنده وتمنى الشيخ مصطفى البنجويني أن يكون طالبه وقد مدحه ووصفه بالعلم العلامة الشيخ عبدالكريم المدرس عند أحد طلابه كما شكره الشيخ محمد ياسين رحمه الله لتدريسه الطلاب .
له من الأولاد : يحيى وعبدالهادي .
ينظر: علماء قدموا الى الموصل من الكرد ومن كردستان ، جاسم عبد شلال